أسند نشره كذبا وبهتانا إلى علماء النجف يعنى به جميعهم، وهم من أحوط الناس على رعاية حرمة الاسلام والمسلمين، لا تجرى أقلامهم وألسنتهم الطيبة النزيهة الا في الاصلاح بين المسلمين وتوحيد كلمتهم، ودعوتهم وارشادهم إلى الخير، ورفض البغضاء والشحناء، فهم في طليعة المصلحين المجاهدين لتحقيق الوحدة الاسلامية، ونبذ ما يوجب الخلاف والشقاق.
إذا فلا شك انه لم يرد بما حكاه عنهم الا تجريح العواطف وتهييج الفتنة، وافتراق كلمة المسلمين أو النيل من الخليفة بنشر هذه النسبة إليه، وتسجيل نقلها عن علماء النجف، وفيهم من رجالات الدين والعلم والمعرفة بتواريخ الاسلام، وتراجم الرجال من آرائه وأقواله في غاية الاعتبار والاعتماد، فكأنه أراد بتسجيل ما حكاه على علماء النجف تسجيل أصل النسبة على الخليفة واشاعتها، فان الكتاب الذي ذكر فيه هذه النسبة (ان كان الخطيب صادقا فيما حكاه) ليس معروفا وفى متناول أيدي الشيعة وأهل السنة، فنحن لم نقف عليه ولا على اسم كاتبه بعد، مع الفحص الكثير في المكتبات، ولم نطلع على ما فيه الا بحكاية الخطيب في كتابه الذي نشره في ارجاء العالم الاسلامي، وجعله في متناول أيدي أعداء الاسلام، والمتتبعين لعورات المسلمين، وكان الواجب على الحكومات السنية مؤاخذة الخطيب ومصادرة كتابه بإشاعته هذه النسبة، وحكايته في كتاب يقروه المسلمون وغيرهم.
وعلى كل حال لا حاجة لنا بتبرئة علماء النجف عما حكى عنهم، فان شانهم الرفيع أكبر وأنبل من ذكر الأمور الشائكة في كتبهم، فهم معتمدون في مقالاتهم وآرائهم في المذهب والفقه والعلوم الاسلامية على أقوى الأدلة العلمية.
هذا، ولو فرضنا ذكر شئ من هذا القبيل في نقل لا يعتمد عليه، أيجوز له ان ينسب ذلك إلى الشيعة!؟ والا فيجوز ان ينسب إلى السنيين عقايد النواصب الذين سبوا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، وأحدثوا في الاسلام ما أحدثوا، وقتلوا سبطي رسول الله وريحانتيه صلى الله عليه وآله.
والعجب أن الخطيب تارة يقول إن التقية عند الشيعة عقيدة دينية تبيح لهم التظاهر بغير ما يبطنون، وأخرى يقول بتظاهرهم بأمر، لو كان التقية من دينهم لكان الواجب عليهم ان يستروه، لا ان يذيعوه ويكتبوه، وينشروه حتى يقرأه كل معاضد