مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٤٢
بعض روسا أهل البصرة، وبيده قلم إذا أراد ان يسطر به على البياض شيئا قبض الغلام على أصابعه، فكان مولانا يدحرج الرمانة بين يديه ويشغله بردها كيلا يصده عن كتابة ما أراد فسلمنا عليه فالطف في الجواب وأومأ إلينا بالجلوس فلما فرغ من كتبة البياض الذي كان بيده، اخرج أحمد بن إسحاق جرابه من طي كسائه فوضعه بين يديه فنظر الهادي عليه السلام إلى الغلام وقال له: يا بنى فض الخاتم عن هدايا شيعتك ومواليك، فقال: يا مولاي أيجوز ان أمد يدا طاهرة إلى هدايا نجسة وأموال رجسة قد شيب أحلها بأحرمها؟ فقال مولاي: يا ابن إسحاق استخرج ما في الجراب ليميز ما بين الحلال والحرام منها، فأول صرة بدا احمد باخراجها قال الغلام: (هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقم يشتمل على اثنين وستين دينارا، فيها من ثمن حجيرة باعها صاحبها وكانت إرثا له عن أبيه خمسة وأربعون دينارا، ومن أثمان تسعة أثواب أربعة عشر دينارا، وفيها من اجرة الحوانيت ثلاثة دنانير) فقال مولانا:
صدقت يا بنى دل الرجل على الحرام منها، فقال عليه السلام: (فتش عن دينار رازي السكة، تاريخه سنة كذا، قد انطمس من نصف إحدى صفحتيه نقشه، وقراضة آملية وزنها ربع دينار، والعلة في تحريمها ان صاحب هذه الصرة وزن في شهر كذا من سنة كذا على حائك من جيرانه من الغزل منا وربع من فاتت على ذلك مدة وفى انتهائها قيض لذلك الغزل سارق، فأخبر به الحائك صاحبه فكذبه واسترد منه بدل ذلك منا ونصف من غزلا أدق مما كان دفعه إليه واتخذ من ذلك ثوبا، كان هذا الدينار مع القراضة ثمنه) فلما فتح رأس الصرة صادف رقعة في وسط الدنانير باسم من أخبر عنه وبمقدارها على حسب ما قال، واستخرج الدينار والقراضة بتلك العلامة.
ثم اخرج صرة أخرى فقال الغلام: (هذه لفلان بن فلان، من محلة كذا بقم تشتمل على خمسين دينارا لا يحل لنا لمسها). قال: وكيف ذاك؟ قال: (لأنها من ثمن حنطة خاف صاحبها على أكاره في المقاسمة، وذلك أنه قبض حصته منها بكيل واف وكان ما حص الأكار بكيل بخس) فقال مولانا: صدقت يا بنى.
ثم قال: يا أحمد بن إسحاق احملها بأجمعها لتردها أو توصي بردها على أربابها فلا حاجة لنا في شئ منها، وائتنا بثوب العجوز، قال احمد: وكان ذلك الثوب في
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»