مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٣٤
ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) وروى نحوه عن سيدي شباب أهل الجنة، وعن الإمام زين العابدين، وأبى جعفر وأبى عبد الله عليهم السلام فإنه يدل على أنهم غير عالمين بالوقايع البدائية والأمور الموقوفة.
أقول: ليس المراد منه انه لولا هذه الآية لكانوا عالمين بما كان، وبما يكون، وبما هو كائن، ولكن الآية ونظام البداء السائد بإذن الله على أمور الخلق منعهم عن العلم بذلك، بل الظاهر أن المراد التنبيه على أنهم عليهم السلام انما امتنعوا عن اظهار ما عندهم من العلوم، وبيان ما يقع فيه البداء، وما لم يقع، لان المصالح المتضمنة في نظام البداء المحققة لمصالح النبوات، وكمال النفوس في المعارف الإلهية، لا تتحصل الا بخفاء العلم بمواردها على الناس، فالاخبار بكل ذلك أو بجلها ينافي المصالح العظيمة الكامنة في نظام المحو والاثبات، ويشعر بل يدل على ذلك كلام مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته بعد النهروان: وأيم الله لولا أن تنكلوا وتدعوا العمل لحدثتكم بما قضى الله على لسان نبيكم. إذا فلا دلالة لمثل هذا الحديث على أنه لولا هذه الآية وهذا النظام الكامل التام لكنا عالمين بما يكون إلى أن تقوم الساعة.
فان هذا مضافا إلى أنه لا يستفاد من هذه الأحاديث يرد بالاخبار الكثيرة المتواترة الدالة على أنهم عالمون بما يكون إلى قيام الساعة.
قال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام: والله لو شئت ان أخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه وجميع شانه لفعلت، ولكن أخاف ان تكفروا في برسول الله صلى الله عليه وآله الا وانى مفضيه إلى الخاصة ممن يؤمن ذلك منه، والذي بعثه بالحق واصطفاه على الخلق، ما انطق الا صادقا، وقد عهد إلى بذلك كله وبمهلك من يهلك ومنجى من ينجو، ومآل هذا الامر. وما أبقى شيئا يمر على رأسي الا أفرغه في أذني وأفضى به إلي وقال عليه السلام: في خطبة ذكر فيها طائفة من الملاحم: سلوني قبل ان تفقدوني (إلى أن قال) والذي نفسي بيده لا تسألوني عن شئ فيما بينكم وبين الساعة، ولاعن فئة تضل مأة الا نبأتكم بناعقها وسائقها.
قال السيد الاجل شارح الصحيفة إنجيل أهل البيت وزبور آل محمد صلوات الله
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 ... » »»