مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٠٦
بالموانع الظاهرية يمحي اثرها ببعض الموانع الغيبية، فمثل صلة الرحم تدفع ميتة السوء التي تحقق سببها الظاهري، وكذلك توجب بعض الأمور الزيادة في العمر والرزق، اما لان الله جعل في هذه الأمور هذه الخواص أو لان الله تعالى وعد عباده بأنه يفعل ذلك عند اتيان المكلف بها.
وعلى كلا الوجهين قد دلت الآيات والروايات قال الله تعالى ولئن شكرتم لأزيدنكم، وقال جل اسمه: ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض، وقال: أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون..
وفى الدعا اللهم اغفر لنا الذنوب التي تنزل البلا. والحاصل ان كل الأمور الغير المحتومة واقع تحت سنة المحو والاثبات.
وثانيا نقول: ان الظاهر من هذا الايراد الاستبعاد أو انكار سلطان عالم الغيب وتأثير الأسباب والموانع الغيبية على عالم الشهادة.
وهذا التوهم: اما ينشأ من قصر النظر إلى عالم الشهادة، والتأثر من تسويلات الحسيين والماديين الغافلين أو المنكرين لعالم الغيب وتأثيره في عالم الشهادة.
واما ينشأ من قضا العادة على وقوع امر بعد امر آخر بمشية الله وتقديره فيتوهم ان هذا مقتضى تمامية الامر الأول في العلية للامر الثاني فلا يجوز ان يتخلف عنه كما لا يجوز تخلف المعلول عن علته التامة فكأنه لم يعرف المتوهم الفرق بين المقتضى والعلة التامة، وبين العلة واجزائها، وبين ما يقارن وجوده وجود شئ آخر، ولم يتفطن إلى جواز عدم إحاطة البشر بجميع العلل ومعلولاتها، وشرائطها وموانعها وكون عالم الظاهر تحت سيطرة عالم الغيب، وتأثير الأسباب الغيبية بإذن الله تعالى في عالم الشهادة فيزعم العلة ما ليس بها، ومعلولها ما ليس هو مع أنه لا يرى شيئا غير وجود شئ عند وجود شئ آخر أو أشياء أخرى ولم ير علية هذا لذاك ولم يفهم لماذا صار
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»