ووجودها واخذوا هذه المقالة من أصحاب الكمون والظهور من الفلاسفة ومثل هذه العقيدة ما ذهب إليه بعض الفلاسفة القائلين بالعقول والنفوس الفلكية وبان الله تعالى لم يؤثر حقيقة الا في العقل الأول فهم يعزلونه عن ملكه حكى عن بعضهم: ان الله تعالى أوجد جميع مخلوقاته دفعة واحدة دهرية لا ترتب فيها باعتبار الصدور بل انما ترتبها في الزمان فقط كما أنه لا تترتب الأجسام المجتمعة زمانا بل وانما ترتبها في المكان فقطع ومثل هذا القول في المعاد قول المجبرة الذين يقولون ان المقتول لو لم يقتل يموت قطعا ونحن نسأل من يستنكر القول بالبداء ولا يؤمن بما دلت عليه ما تلونا عليك من الآيات والروايات عن رأيه في قدرته تعالى: الله جل شانه ان يفعل ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويخلق ما يشاء ويفعل ما يشاء ويشفي ويعطى من يشاء ويستجيب دعاء من يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء فان قال: نعم فهذا ما يقوله الشيعة وهو ما يسمونهم بالبداء، وان قال: لا فقد أنكر قدرة الله تعالى وأنكر الكتاب والسنة ووافق اليهود في قولهم: يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا فمن ذهب إلى انكار البداء اتبع اليهود وغيرهم في هذه المقالة الكافرة ونفى قدرة الله تعالى المطلقة ونفى سائر صفاته الكمالية وأسمائه الحسنى تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
فان قلت: فلماذا سمى تلك العقيدة الصحيحة بالبداء الذي ظاهره ظهور الشئ بعد الخفا.
قلت: أولا نمنع هذا الظهور وثانيا نقول ان ظهوره بدوي يزول بالقرائن العقلية والمقالية وليس بأقوى من ظهور الآيات والروايات في ذلك لولا تلك القرائن فكما لا دلالة لهذه الآيات على علمه بشئ بعد الجهل به بدلالة آيات أخرى والقرينة العقلية، لا دلالة لهذا اللفظ أيضا على ذلك أصلا بدلالة الآيات والروايات وما استقر عليه عقيدة القائلين بالبداء سيما أئمة أهل بيت عليهم السلام.
ولا يخفى ان باب المجاز في جميع اللغات سيما اللغة العربية باب واسع وفى الكتاب