مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ١٠٠
الاخر وكل منهما على سعته التي لا نهاية لها فهو العليم القادر المريد العزيز، الحوادث كلها تجرى بأمره وتدبيره، يزيد في الخلق ما يشاء وهو القاهر فوق عباده وهو الحكيم الخبير القائم بشؤون خلقه لا يفتر ولم يفرغ من ذلك يبتلى الانسان فيكرمه وينعمه أو يقدر عليه رزقه، والحوادث كلها وكل واحد منها ليس واجب الوقوع حتى لا يكون لله فيه امر ونهى ولا يقدر على تغييره والزيادة فيه أو النقصان بل له الامر والتدبر قبل كل شئ ومع كل شئ وبعده (ما رأينا شيئا الا ورأينا الله قبله وبعده ومعه) يفعل فيه ما يشاء، وصفاته وأسماؤه الفعلية كالمنان، والرزاق، والكافي، والشافي، والمعطى، والمجيب، والمصور، والمدبر، والبديع، والبدى، والحافظ، والرقيب، والواهب، والمنعم، والمحسن، والمغيث، والمميت، والمحيي كلها يدل على ذلك، وان معانيها لم ينقطع، ولا ينقطع، وانه لم يزل، ولا يزال من شانه ان يرزق، ويشفي، ويكفي، ويعطى ويمنع ويجيب، ويخلق ويصور، ويبدي، وينعم، ويغيث، وينجي، ويهلك، ويرسل الرياح و و و..
ومن الواضح انه إذا كان قد فرغ من الامر، ولم يكن له الزيادة والنقصان في شؤون عباده لا يتصور مفهوم فعلى حقيقي لهذا الأسماء، ولا يتعقل اتصافه بهذه الصفات الا بالتمحل والتكلفات وسيأتي زيادة توضيح في المبحث الثالث.
المبحث الثاني قد ظهر لك مما ذكرنا ان الخاصة، والعامة تشتركان في العقيدة بما أوجب توهم القول بالبداء بمعناه الفاسد المردود عندهما ولكن التعصب والعناد حمل النصاب وأعداء أهل البيت يرمى الشيعة بهذا القول وهم بفضل تمسكهم بالكتاب والعترة (الثقلين) بريئون عن هذه العقيدة الفاسدة، وابعد من هذا الضلال المبين من السماء عن الأرض نعم حكى عن غير الشيعة مثل النظام وبعض المعتزلة: القول بان الله تعالى قد فرغ من الامر بخلقه الموجودات دفعة واحدة على ما هي عليه الان معادن ونباتا وحيوانا وانسانا ولم يتقدم خلق آدم على خلق أولاده والتقدم انما يقع في ظهورها لافى حدوثها
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»