مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ٢ - الصفحة ٩٩
الأرض ولا في السماء.
وملخص الكلام: ان من سير الآيات الكريمة والأحاديث من طرق الخاصة والعامة لا يبقى له شك في أن الله تعالى يمحو ما يشاء ويثبت ولم يعجزه ولا يعجزه شئ في الأرض ولا في السماء يختار لعبيده ما يشاء حسب ما تقتضيه حكمته الكاملة من الزيادة في الرزق أو النقص منه، وكذا يزيد في عمر بعضهم، وينقص عن عمر البعض الأخير، ويديم الصحة أو يزيلها، ويبدلها بالمرض ويقدم أمرا ويؤخر آخر، ويكتب من كان مكتوبا من الأشقياء في السعداء وبالعكس، ويوفق بعض الناس للخير ويحرم بعضهم منه خذلانا باعمالهم، ويختار لهم في جميع شئونهم ما يريد على حسب حكمته.
لم يترك امر تدبيره فيهم ولم يفرغ منه وهو العليم الخبير القدير المدبر الحكيم.
هذا هو البداء بمعناه الصحيح واعتقاد الشيعة فيه الذي جاءت به ماءة من النصوص في الكتاب والسنة ومآله: وحقيقة العقيدة بالقدرة المطلقة الأزلية للذات الألوهية المقدسة كما أن نفى البداء عن الله تعالى بمعناه الباطل وهو ظهور الشئ له بعد خفائه عنه أيضا يرجع إلى العقيدة بصفة كمالية أخرى وهي علمه الأزلي بالكليات والجزئيات وتقدس ذاته المقدسة عن الجهل مطلقا.
ولا يخفى عليك ان امر النبوات، والعقيدة بها، والبشارة والانذار والوعد والوعيد والامر والنهى والترغيب والتهديد، والحث على الدعا والتوبة والتوكل والتفويض، وشكر النعمة وأمثالها انما يتم بهذه العقيدة والايمان بان الله لم يفرغ من الامر وكل يوم هو في شان، ولا ينافي ذلك علمه الأزلي بكل ما يقع في المستقبل وما يقدمه وما يؤخره، وما يزيد وما ينقص، وهذا مذهب جمع من الصحابة، ولم اطلع على أحد منهم ومن التابعين كان مذهبه نفى ذلك ولا أظن بأحد من العلماء من أهل القبلة الا بعض من يأتي الإشارة إليه غير ذاك.
وزيادة على ما ذكر نقول: ان علمه تعالى لا ينقص حكمته ولا يقيد قدرته ومشيته، وقدرته لا تنفي علمه لاحد لكل واحد منهما ولا يتصور زيادة كل منهما على
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»