مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٥٦
وفي جميع الأوقات، وعلى هذا لو فرض كون الإمام غير معصوم يمكن أن يقع في الخطأ في وقت ما، ويأمر على خلاف ما أمر به النبي، فحينئذ إما أن يجب إطاعته ومخالفة النبي، وهذا باطل قطعا، وإما أن يجب إطاعة النبي ومخالفة الإمام وهو مخالف لوجوب إطاعة كل واحد منهما، لأن الله ساوى بينهما في الأمر بإطاعتهما، وإما أن تجب إطاعة كل منهما وهو محال وتكليف بما لا يطاق.
فلا يبقى إلا الأمر الرابع وهو عصمة الإمام كالنبي، وعدم وقوع المخالفة بينهما.
وعلى هذا فنقول: فرق واضح بين إطاعة الإمام وإطاعة أمراء السرايا والحكام، فإن الله لم يساو بين إطاعتهم وإطاعة الإمام والنبي، وإنما وجبت إطاعتهم بأمر النبي أو الإمام، وتعيينهما إياهم لهذه المناصب، ولذا يجب أن يكون الإمام كالنبي معصوما دون غيرهما من أمراء السرايا والحكام.
* * * هذا بعض الأدلة التي أقيمت على عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) من القرآن المجيد المصدر الأول للتشريع الإسلامي بتقرير منا.
وهنا أيضا أدلة كثيرة من السنة التي هي المصدر الثاني للتشريع نشير إلى طائفة منها.
فمنها: الأحاديث المتواترة المشهورة بين الفريقين بأحاديث الثقلين (1) وهذه الأحاديث على كثرتها وتواترها، وكثرة مخرجيها، ورواتها من الصحابة قد دلت على عدم خلو الزمان من إمام معصوم عن المعصية والخطأ، وحصر طريق الأمن من الضلال والاختلاف بالتمسك بالكتاب والعترة الهادية المعصومة.

(1) منها ما أخرجه عبد بن حميد في مسنده عن زيد بن ثابت قال: قال رسول الله (ص): إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض (إحياء الميت بفضائل أهل البيت ج 7) ومنها ما أخرجه أحمد في مسنده (ج 3 ص 17): إني أوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروني بم تخلفوني فيهما.
(٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 ... » »»