مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٥٢
ومنها غير ذلك من الأدلة التي تعد بالمئات، ذكرها العلامة (في الألفين) وفي سائر كتبه في الكلام والإمامة، وذكر طائفة منها غيره أيضا، من شاء أكثر من ذلك فليراجع هذه الكتب.
المسألة الخامسة، ما هي أدلة عصمتهم من مصادر التشريع الإسلامي؟!
الجواب: إن الأدلة الدالة عليها من القرآن المجيد قوله تعالى (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) (1) فهذه الآية الكريمة صريحة في عظم أمر الإمامة، وأنها عهد الله تعالى لا ينال الظالمين، والظلم عنوان عام لكل ما لا يجوز فعله شرعا أو عقلا، كما تعرف ذلك من موارد استعمالاته في الكتاب والسنة واللغة.
لا يقال: إن الآية لا تدل على أكثر من عدم لياقة الظالم لنيل منصب الإمام في حال تلبسه بالظلم، ولا تدل على عدم نيله إذا كان متلبسا به فيما مضى.
لأنه يقال: أولا لا نسلم كون المشتق حقيقة في المتلبس بالمبدأ في الحال أي: في حال الجري والنسبة، بل هو أعم منه ومما انقضى عنه المبدأ.
وثانيا: إن الملاك في عدم نيل الظالم الإمامة هو صدور الظلم عنه، فما يمنع شارب الخمر، وقاتل النفس المحترمة، والسارق وغيرهم من الظالمين عن التشرف بمقام الإمامة، هو شرب الخمر وقتل النفس والسرقة وإن صدر عنهم في الماضي وتابوا بعده، وليس المراد أن الشارب حال تلبسه بشرب الخمر، والزاني في حال تلبسه بالزنا، والسارق في حال تلبسه بالسرقة، وعابد الأصنام في حال تلبسه بعبادة الأصنام، وعدم توبته عن هذه الأفعال غير صالح لهذا المقام، أما بعد هذا الحال ولو بساعة ولحظة، وبعد التوبة لا تقدح هذه المعاصي في صلاحيته، وهذا أوضح يعرف بأدنى تأمل.
إن قلت: فما معنى قوله (صلى الله عليه وآله): الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبله، وقوله (صلى الله عليه وآله): التائب من الذنب كمن لا ذنب له.

(1) البقرة - 124
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»