مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٥٤
بصدوره منه في المستقبل، وأما المتلبس بالظلم، فعدم لياقته معلوم بالضرورة لا حاجة إلى التنبيه عليه.
نعم هذه الآية لا تدل على أزيد من عصمتهم عن المعاصي.
ومن هذه الآيات قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (1) وهذه الآية دلت على وجوب إطاعة الرسول، وأولي الأمر في كل ما يأمرون به، وينهون عنه، ولو لم يكونوا معصومين لزم الأمر بإطاعة غير المعصوم، والأمر بإطاعته قبيح لكونه معرضا للأمر بالقبيح والنهي عن الحسن.
ومنها قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين) (2) فإنه يدل على وجوب الكون مع الصادقين، والكون معهم عبارة عن متابعة أقوالهم، والاقتداء بأفعالهم، والتزام سيرتهم وعدم مفارقتهم، فيجب أولا عدم خلو الزمان منهم، وثانيا كونهم معصومين عن المعاصي والخطأ والسهو، بل وترك الأولى، وقد روي من طرق الشيعة وأهل السنة أن الصادقين هم أئمة أهل البيت (عليهم السلام) (3).
وللفخر الرازي في تفسيره الكبير كلام حول تفسير هذه الآية يؤيد بالإفصاح مذهب الشيعة الإمامية، وكلامه في غاية التحقيق، ولا عبرة بما قال في ذيل كلامه من الجواب عما تفطن به فإنه في غاية الضعف، ويستبعد خفاء ضعفه عن مثله، فلعله إنما قاله خوفا من النواصب الذين يرون إنكار فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وبغضهم من علائم كون الشخص من أهل السنة، مع أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: لا يحب عليا منافق ولا يبغضه مؤمن (4).
وقال علي (عليه السلام): عهد إلي النبي (صلى الله عليه وآله): أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق (5).

(١) النساء - ٥٩ (٢) التوبة - ١١٩ (٣) يراجع في ذلك شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج ١، ص ٢٦٢ - ٢٥٩ والدر المنثور للسيوطي ج ٣، ص ٩٠ وخصائص الوحي المبين لابن بطريق الفصل الثالث والعشرون ص 136 وغيرها من كتب أعلام الشيعة وأهل السنة، ولابن بطريق هنا استدلال على أن الإيمان والتقوى لا ينفعان إلا بعد الكون مع أمير المؤمنين علي (عليه السلام).
(4) أخرجه الترمذي وأحمد فراجع.
(5) راجع مسند أحمد ج 1، ص 84 و 95 و 128 وغيره من الجوامع مثل سنن النسائي وابن ماجة والترمذي.
(٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 ... » »»