ومنها أحاديث السفينة (1) الدالة على أن مثل أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق.
ومنها أحاديث الأمان (2) وهذه الأحاديث أيضا دلت على عدم خلو الزمان من معصوم من أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله) يكون وجوده أمانا لأهل الأرض، والتمسك به أمانا من الضلالة والاختلاف، وقد أشبعنا الكلام حول هذه الأحاديث (أحاديث الثقلين، أحاديث السفينة، أحاديث الأمان) وإسنادها ومتونها ودلالتها في كتابنا (أمان الأمة من الضلال والاختلاف).
ولا يخفى عليك أن الأحاديث في عصمة النبي والإمام كثيرة جدا، والأحاديث المذكورة وإن لم تدل على عصمة النبي، إلا أنه بعد الدلالة على عصمة الإمام تدل على عصمة النبي بالطريق الأولى، وإنما استشهدنا بهذه الأحاديث لتواترها وشهرتها بين الفريقين، ومن أراد أكثر من ذلك فليراجع الموسوعات والجوامع كالكافي والبحار.
وقد ثبت بالأدلة العقلية والنقلية عصمة النبي والإمام عن جميع المعاصي عمدا وخطأ وسهوا، وعن السهو والنسيان فيما يؤول إلى تبليغ أحكام الله تعالى، وشؤون الرسالة والإمامة، وأما العصمة عن الخطأ والنسيان والسهو في الأمور العادية، وترك الأولى لغير نبينا والأئمة (عليهم السلام) من الأنبياء الماضين فغير ثابتة، بل ربما يستظهر من بعض الآيات والأحاديث صدور هذه الأمور من بعضهم، وهذا وإن كان قابلا للتأويل، إلا أنه ليس في البحث عنه كثير فائدة، لأن مثل ذلك غير مضر بشؤون رسالاتهم ومقاماتهم العلية الثابتة، وليس من الأمور الاعتقادية التي تجب معرفتها، فيكفينا الإعتقاد في ذلك، إن قيل بوجوب الإعتقاد فيه، بما هو الواقع.
نعم لما قلنا إن العصمة هي أعلى مراتب حضور العبد عند مولاه ونورانية نفسانية ملكوتية تذهب بكل الظلام، وتشرق كل وجود صاحبها، فلا شك أن لهذه النورانية