وقال تعالى (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (1) وقال تعالى شأنه (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) (2) وقال تعالى (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) (3) نعم يستفاد من بعض الآيات الدالة على التفضيل وجهه أيضا كقوله تعالى (فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) (4) وقوله عز شأنه (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات) (5) حيث يستفاد من الآية الأولى أن وجه تفضيل المجاهدين على القاعدين هو جهادهم، ومن الثانية أن وجه رفع درجات المؤمنين والعلماء هو إيمانهم وعلمهم.
كما يستفاد من البعض الآخر جهة التفضيل.
كقوله تعالى (منهم من كلم الله ورفع بعضهم فوق بعض درجات وآتينا عيسى بن مريم البينات وأيدناه بروح القدس) (6) حيث يستفاد منه أن جهة تفضيل موسى على بعض الأنبياء أنه كلم الله، وجهة تفضيل عيسى البينات وتأييده من جانب الله تعالى بروح القدس، وكما يستفاد من البعض الآخر أن التفضيل إنما يكون لحكمة أخرى، خارجة عن المفضل والمفضل عليه، وإن كان فائدته يرجع إليهما وإلى النظام.
كقوله تعالى (ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا) (7) إذا فلا استبعاد في اختصاص بعض الناس بالاصطفاء والعصمة وغيرها من الفضائل بعد ما يرى مثلها في نظام الله تعالى في خلقه، وبعد ما جرى عليه عادته وسنته، فلا يجوز السؤال عنه حسدا أو اعتراضا، ولا فائدة فيه.
قال الله تعالى (أم يحسدون الناس على ما آتيهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما) (8)