مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٦١
إذا عرضت هذه الأحاديث على أهل الفن، وعلى من له أنس بأحاديثهم، ومعرفة مذاهبهم لا يعتني بمثل هذه الاحتمالات، كما أنك لا تحتمل إذا سمعت قائلا يقول: (رأيت أسدا يرمي) أن مراده من الأسد هو الحيوان المفترس.
وبعد هذه المقدمة نقول: إن ازدياد علم الإمام المعصوم أمر ممكن معقول قد ورد في الأحاديث، ولا شك في أن الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وإن علموا الأسماء وعلموا علم ما كان وما يكون (1)، إلا أنه لا شك في أن علم الجميع عند علم الله ليس إلا كما قال الله تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) (2) ولذا خاطب نبيه الذي علمه ما لم يكن يعلم وقال (وقل رب زدني علما) (3) فالإمام كالنبي في حركته الكمالية، وسيره إلى الله تعالى لا يقف على حد، كما أن السير إلى الله تعالى، مع أنه في كل مرحلة من مراحله مرتبة من الوصول ونيل للمقصود، فإنه لا نهاية له، ولا ينتهي إلى حد، ففي هذا السير يسير الإمام دائما إلى الأمام، ولا يتساوى يوماه، بل كل يوم من أيامه أفضل من أمسه، وليس ابتداء هذا السير من حين الولادة الجسمانية، بل يبتدء من حين وجوده النوري، ويستمر في العوالم

(1) عقد في الكافي بابا بهذا العنوان: (باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون علم ما كان وما يكون، وأنه لا يخفى عليهم الشئ، كما عقد بابا بهذا العنوان: باب أن الأئمة (عليهم السلام) يعلمون جميع العلوم التي أخرجت إلى الملائكة والأنبياء والرسل (عليهم السلام) وقال مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) على ما في نهج البلاغة (خطبة 175): والله لو شئت أن أخبر كل رجل منكم بمخرجه ومولجه، وجميع شأنه لفعلت، ولكن أخاف أن تكفروا في برسول الله (صلى الله عليه وآله) ألا وإني مفضيه إلى الخاصة ممن يؤمن ذلك منه، والذي بعثه بالحق واصطفاه على الخلق ما أنطق إلا صادقا وقد عهد إلي بذلك كله وبمهلك من يهلك، ومنجى من ينجو، ومآل هذا الأمر، وما أبقى شيئا يمر على رأسي إلا أفرغه في أذني وأفضي به إلي.
وقال (عليه السلام):
فاسألوني قبل أن تفقدوني فوالذي نفسي بيده لا تسألوني عن شئ فيما بينكم وبين الساعة ولا عن فئة تهدي مأة وتضل مأة إلا أنبأتكم بناعقها وقاعدها وسائقها ومناخ ركابها، ومحط رحالها، ومن يقتل من أهلها قتلا ويموت فيها موتا. (نهج البلاغة - شرح محمد عبده صفحه 182) (2) الإسراء - 85 (3) طه - 184
(٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 ... » »»