إذا عرضت هذه الأحاديث على أهل الفن، وعلى من له أنس بأحاديثهم، ومعرفة مذاهبهم لا يعتني بمثل هذه الاحتمالات، كما أنك لا تحتمل إذا سمعت قائلا يقول: (رأيت أسدا يرمي) أن مراده من الأسد هو الحيوان المفترس.
وبعد هذه المقدمة نقول: إن ازدياد علم الإمام المعصوم أمر ممكن معقول قد ورد في الأحاديث، ولا شك في أن الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، وإن علموا الأسماء وعلموا علم ما كان وما يكون (1)، إلا أنه لا شك في أن علم الجميع عند علم الله ليس إلا كما قال الله تعالى (وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) (2) ولذا خاطب نبيه الذي علمه ما لم يكن يعلم وقال (وقل رب زدني علما) (3) فالإمام كالنبي في حركته الكمالية، وسيره إلى الله تعالى لا يقف على حد، كما أن السير إلى الله تعالى، مع أنه في كل مرحلة من مراحله مرتبة من الوصول ونيل للمقصود، فإنه لا نهاية له، ولا ينتهي إلى حد، ففي هذا السير يسير الإمام دائما إلى الأمام، ولا يتساوى يوماه، بل كل يوم من أيامه أفضل من أمسه، وليس ابتداء هذا السير من حين الولادة الجسمانية، بل يبتدء من حين وجوده النوري، ويستمر في العوالم