مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٥٠
قال الإمام أبو عبد الله الصادق (عليه السلام) على ما روي عنه: الصورة الإنسانية هي أكبر حجج الله على خلقه، وهي الهيكل الذي بناه بحكمته، وهي مجموع صور العالمين وهي المختصر من العلوم في اللوح المحفوظ.
وينسب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام).
وأنت الكتاب المبين الذي * بأحرفه يظهر المضمر الغلو إنما يحصل برفعهم من مرتبة العبودية والمخلوقية، والفقر الذاتي إلى مرتبة المعبودية والخالقية والغنى الذاتي، وأما الفضائل وكثير من الصفات، وما يتقرب به العبد إلى المولى، ويتخلق بأخلاقه فمشتركة بين الإنسان والملائكة، فلم يدل دليل على امتناع اتصاف البشر بها وإن لم تحصل إلا للأوحدي من الناس، وإثباتها لهم ليس غلوا فيهم، وغاية ما يقال فيهم: إن هذه الصفات في الملائكة فعلية، وليست بالاستعداد وبالقوة، والإنسان لا بشرط في ذلك عن الفعلية والاستعداد، فبعض أفراد الإنسان فيه هذا بالقوة، وبعضهم فيه بالفعلية.
هذا مضافا إلى أن القول بأنهم ما فوق الإنسان إن أريد به رفعهم إلى مرتبة الملائكة، وإثبات هويتهم لهم، فليس هذا رفعا لهم من مرتبتهم إن لم يكن إثباتا لقصر لهم، إذ الأنبياء والأئمة أفضل من الملائكة، لأن عصمتهم عن المعاصي ليس معناها عدم تمكنهم منها، أو نفي ما كان يمكن أن يكون داعيا لهم، وكم فرق بين من لا يتحقق له الداعي إلى الأكل لعدم إمكان ذلك له، فلا يسند إليه ترك الأكل حقيقة، وإن أسند إليه فلا يكون إلا مجازا كقول القائل: إن الحجر لا يأكل، فامتناعه عن الأكل ليس عن عمد واختيار، بل لا يصح أن يسند إليه الامتناع عن ترك الأكل، وبين من يمتنع عنه بالاختيار، ويسند إليه كسائر أفعاله وتروكه الاختيارية ولأجل هذا يقول المحقق الطوسي (قدس سره) القدوسي في أفضلية الأنبياء على الملائكة: والأنبياء أفضل لوجود المضار.
وأما قوله تعالى (قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي) (1) وقوله تعالى (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) (2)

(1) الكهف - 110 (2) الإسراء - 93
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»