وغير ذلك، وما هو المعلوم عقلا وشرعا أن كل ذلك لم يكن عبثا، ومن خلق هذا الخلق وجعل هذا النظام الحاكم على عالم الإنسان، والحاكم على عالم الحيوان والنباتات بأنواعها، والجمادات كلها تشهد بحكمه وتقدسه عن اللغو والعبث، وقال سبحانه وتعالى في وصف أولي الألباب:
(ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار) (1) وقال تعالى (وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار) (2) وقال عز من قائل (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون) (3) وهذا لا يمنع عن القول بأشرفية البعض من البعض، وأفضليته، بل غاية ما يقال فيه: إن ذلك بتقديره وحكمته.
فالسؤال الذي ربما يختلج بالبال في اصطفاء من اصطفاه الله من الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)، هو السؤال عن اختصاص كل ذوي الفضل في هذا العالم بنوعه أو فرده على غيره.
والجواب على النحو العام هو أن أفعال الله تعالى كلها متقنة محكمة صدرت منه لأغراض متعالية، والتفضيل المشاهد في العالم: إما يحصل لعلل يقتضيها ضيق عالم المادة، وما جعل الله في كل جزء من أجزاء هذا العالم بتقديره من التأثير في غيره أو التأثير منه، وإما يحصل لعلل اختيارية تؤثر في كمال النفس وفضلها، وتؤثر في تفضيل بعض الأفراد من الإنسان والحيوان، والنبات على غيرها، وقد يحصل لعلل أخرى اختيارية للعبد، وغير اختيارية مما يوجب الترجيح ويؤثر فيه، والجهات المرجحة كثيرة لا يمكننا إحصاؤها ومعرفة تفاصيلها، فإذا وجد بإذن الله تعالى وتقديره شخص