مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٤٧
وعصمة نبينا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (عليهم السلام) عن جميع ذلك وعن ترك الأولى وعن الخطأ والسهو في جميع الأمور.
المسألة الثالثة، الأدلة التي تقام على عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) هل هي عقلية أو سمعية؟ وأعني بالثانية: ما يستفاد من مصادر التشريع الإسلامي، وهل الأصل في إثبات هذا الموضوع هو العقل أو النقل يكفي في ذلك، فإن لم تقم الأدلة العقلية عليه هل يجوز إثباته بالنقل؟
والجواب: أما عن الأول فنقول: قد دل العقل والنقل على وجوب عصمة الإمام، وأدلتها العقلية والنقلية كثيرة جدا فهذا كتاب (الألفين) لنابغة علوم المعقول والمنقول العلامة الحلي رضوان الله تعالى عليه، والنسخة المطبوعة منه - وإن كان ناقصة - مشتملة على ما يتجاوز عن ألف دليل عقلي وسمعي على أن الإمام يجب ان يكون معصوما.
وأما الجواب عن الثاني: فالأصل في الإعتقاد بعصمة النبي والإمام، ووجوب كون الإمام معصوما هو حكم العقل، والشرع يؤيد العقل في حكمه هذا، وذلك لأن العقل قاطع بوجوب اتصاف النبي والإمام بالعصمة، والشرع إنما يكون المرجع الأول في كل مورد لو حكم فيه بالإيجاب أو السلب لم يكن حكمه بأيهما مغايرا لحكم العقل.
وبعبارة أخرى الشرع هو المرجع الأول في كل مورد لم يكن للعقل فيه بالإيجاب أو السلب حكم، بحيث يكون حكم الشرع بالسلب أو الإيجاب موضوعا لحكم العقل به أيضا، أو لحكمه الآخر كحكمه برمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة، فإن العقل بعد حكم الشرع به يحكم به كما يحكم بوجوب إطاعته ووجوب الأمر به وذم تاركه، وضابطة أخرى في ذلك: أن لا يكون حكم الشرع في مورد تكون حجية حكم الشرع أو أصل الشرع متوقفة على حكم العقل به.
ففي مسألة عصمة الأنبياء العقل هو المرجع الأول، ويحكم بوجوب كون النبي معصوما لأدلته، وأما الشرع فالعلم بأصله متوقف على العلم بلزوم بعث النبي وشرايطه وأوصافه، والعلم بهذه لو كان ممكن الحصول من جانب الشرع لزم الدور،
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»