أكبر وأعظم مظهر من مظاهر وحدة الأمة، وإن الجميع من العرب والعجم والبيض والسود، والفقراء والأغنياء، والقادة والسوقة، أمة واحدة في رحاب الله.
أسست في هذا البلد الطيب المبارك (رابطة العالم الإسلامي) وظن الكثير أنها أسست لتكون اسما ومسمى كذلك إن شاء الله تعالى، وقد تركت في نفوس المسلمين، وخاصة الشباب، أثرا كبيرا.
وكان المأمول فيها الدفاع عن مصالح المسلمين، وتشجيعهم في ميادين العمل ضد الإستعمار ووضعهم في مصاف الحركات التحررية والتقدمية، وتوثيق عرى الأخوة، والتحابب والتعايش والتفاهم بين المسلمين، وأن تكون أنشودة هذا الجيل الحائر في الاضطرابات الفكرية والاصطدامات العلمية، وأن تأخذ بأيدي الفتيان والفتيات الجامعيين والجامعيات، لئلا يسقطوا في مهاوي اليأس والشقاء، والخلاعة والفحشاء، والميوعة والإلحاد.
وقد كتبت، قبل سنتين أو أكثر، مقالا عرضت فيه على تلك الرابطة، بعض ما ينبغي أو يجب أن تقوم به في البلدان الإسلامية، وأشرت إلى ضرورة تشجيع النشاط الديني ومكافحة الأساليب الكافرة، وكان أملي وطيدا أن يؤخذ ذلك بعين الاعتبار.
ولا أدري هل وصل مقالي إليها أم لم يصل، ولعل المسؤولين لم يروا مصلحة لهم في نشره في مجلتهم أو صحفهم.
ولو كانت الرابطة تقوم بمهمتها سليمة بعيدة عن النزعات الاستعمارية والطائفية، لكان موقفها غير موقفها الحالي، ومسيرها غير هذا المسير. ولو أراد أعضاؤها والقائمون بأمرها خدمة الإسلام، لوجب عليهم أن ينزهوا الرابطة عن الدعاية للمستكبرين الذين استضعفوا عباد الله، وجعلوهم خولا، كما جعلوا مال الله دولا، كما وجب عليهم القيام بانتخاب أعضاء صالحين مصلحين مخلصين، غيارى على الإسلام، عالمين بحاضر العالم الإسلامي وبالأسباب والعوامل التي أدت إلى ضعف المسلمين وتخلفهم عن مواكبة ركب الحضارة الصناعية، ليدركوا حقائق ما يجري في كل منطقة، ويرشدوا ويوجهوا كل شعب، إلى سبل القضاء على سيطرة الأجانب