فحاضر المسلمين في مظاهرهم وظواهرهم، وفي ملابسهم، وفي مطبوعاتهم، وفي إذاعاتهم، وفي أفلام سينماءاتهم يدل على أنهم أصبحوا بعيدين - كل البعد - عن الإسلام شكلا ومضمونا.
أما شكلا: فيلاحظ ذلك في عاداتهم، وآدابهم، وأزيائهم، ومخالطاتهم، ومعاشراتهم.
وأما مضمونا: فيلاحظ ذلك في قوانينهم وبرامجهم وأنظمتهم، إذ إن أكثر الجماعات الإسلامية، اتخذت العلمانية مبدأ رسميا وعمليا لها، فمن لم يتخذها رسميا اتخذها عمليا.
فنبذوا الإسلام وأصوله ومبانيه وتعاليمه السامية، وعزلوه عن إدارة المجتمع، وأصبح المثل الأعلى للمسلمين، والهم الأكبر لهم، رجالا ونساءا، هو مسايرة ركب الحضارة الغربية أو الشرقية ومتابعتها... وأكثر ما يتجلى ذلك، في نداءات الكثير من قادتهم ومثقفيهم وكتابهم، بضرورة الأخذ بتلك الحضارات المليئة بالمضار والمفاسد والشرور، واتباعها.
ومن المحزن والمخزي أن العامة من الناس تستجيب لهذه النداءات المغرية، والدعوات الخلابة، وهي لاتعلم خلفياتها وحقيقتها وما تنطوي عليه، معتقدة بكل صدق وإخلاص وبراءة، أن هؤلاء الجهلة المأجورين يعالجون أدواءهم، فأصبحت لذلك مناهج التربية والتعليم، ووسائل الثقافة والإعلام، متأثرة بهذا الدواء (السم المعسول).
وبذلك تحققت أمنية أعداء الدين الإسلامي والأمة الإسلامية، حيث كتب أحد المبشرين (لقد قضينا على برامج التعليم في الأفكار الإسلامية منذ خمسين عاما، فأخرجنا منها القرآن وتاريخ الإسلام، ومن ثم أخرجنا الشبان المسلمين من الوسائط التي تخلق فيهم العقيدة الوطنية والإخلاص والرجولة والدفاع عن الحق. والواقع أن القضاء على الإسلام في مدارس المسلمين، هو أكبر واسطة للتبشير، وقد جئنا بأعظم الثمرات المرجوة منه) (1).
ففي سبيل إجهاض تلك الحملات الإلحادية الهدامة، التي إن لم تهدد كيان الإسلام عقيدة ونظاما، فإنها تهدد كيان الفرد المسلم، يتحتم على كل مسلم أن يضطلع