مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٣٦٢
تنبه لها الأستاذ الندوي وحده، بل هي من المسائل التي طال البحث والنقاش حولها، فحرمها فريق خاص بلا دليل أو برهان أو شاهد من كتاب أو سنة، وجوزها الآخرون استنادا إلى الكتاب والسنة، واتضح الحق بما لا مزيد عليه. وقد ألفت في ذلك مئات من الكتب، وكتبت مقالات حولها، وأريقت دماء محترمة بسبب التعصب في هذه المسألة، وقد خرجت بعد كل هذا من معرض التفكير، وإذا ما فكر فيها اليوم مسلم، فإنما يفكر لمعرفة الواقع والحقيقة فقط، لا لإثارة النقاش والجدل...
وكأن الأستاذ الندوي قد زعم وتصور أن جمعية الرابطة حينما تشكلت في مكة المكرمة إنما تشكلت لدعم المذهب الوهابي فحسب، فلم يلفت نظرها الواقع الإسلامي المعاصر، وما يهدد أحكام الإسلام والمجتمعات الإسلامية، من هجمة تقاليد الاستعمار الثقافي، الشرقي والغربي، ومن أساليب خداع الشباب، وإبعادهم عن تعاليم دينهم وتقاليد بلادهم التي يكمن فيها الخطر، كل الخطر، على المسلمين. فكأني بالأستاذ الندوي يرى أنه ليس في أهداف الرابطة ومشاريعها التدخل في هذه الأمور، فلا يؤاخذ ولا يقول شيئا عما جنت أيدي الحكومات على الإسلام والمسلمين، من استبدال المناهج التربوية والبرامج التعليمية الإسلامية بالبرامج الكافرة، في المعاهد والكليات والجامعات، ولا يشكو من القوانين التي توضع وتطبق كل يوم رغم أنف الشعوب الإسلامية (الشيعة والسنة) في جميع مرافق الحكومة وفي الإدارة والقضاء والمجتمع والجيش وحتى في الأوقاف والمستشفيات وغيرها. وكذلك لا يشكو من إلغاء النظام الإسلامي الذي يؤمن به كل مسلم (شيعيا كان أو سنيا).
نعم لا يشكو من ذلك لأنه كان في ضيافة مديرية الأوقاف التي لم تؤسس في إيران، إلا للقضاء على نفوذ رجال الدين والعلماء الأفاضل، وللسيطرة على المساجد ومراقبتها لئلا تكون مراكز للثقافة والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كي لا يعترض أحد على أحد، لا سيما على أرباب المناصب، فلا يقال للمسؤول في أية رتبة كان: لم فعلت أو ارتكبت هذا المنكر أو ذاك؟ ولم تجاوزت حدود الله والشرع؟ لماذا تصنعون التماثيل وتنصبونها في الميادين وغيرها وتعظمونها مع أن هذا أشد نكرا
(٣٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 ... » »»