بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين أبي القاسم محمد وآله الطاهرين من الأمور الواضحة البينة أن الكتاب المبين الذي أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير، والذي نزله الله على عبده محمد (صلى الله عليه وآله) تبيانا لكل شئ وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين. وليكون للعالمين نذيرا، وليهدي به من اتبع رضوانه سبل السلام. وليخرج الناس من الظلمات إلى النور... هو هذا الكتاب المشهور المعروف الذي وصل منذ عصر نزوله، ولا يزال في أيدي المسلمين شيعة وسنة، يعرفونه جميعا أنه هو كتاب الله المنزل على قلب الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله) الموسوم بالقرآن، والمشتمل على مأة وأربعة عشر سورة، يحترمونه أسمى الاحترام ويعظمونه أعظم التقديس بكله، بسوره وآياته وكلماته وحروفه، لا يستثنون من هذا الاحترام والتعظيم والتقديس كلمة واحدة ولا حرفا واحدا.
ولا ريب ان هذا التعظيم والتقديس، الذي أخذه الخلف عن السلف، ينتهي إلى عصر نزوله، عصر بزوغ شمس الرسالة الخاتمة المحمدية، وأنهم كانوا يستنكرون ما يشعر الإهانة به عملا أو لفظا في جميع الأدوار والأعصار أشد الإنكار، ويعتبرونه جريمة كبيرة كإهانة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) يكفر فاعلها ويعاقب عليها. لا يلصق بكرامته وعلو قدس فصاحته وبلاغته كلام أحد من البشر، فهو بنفسه وبلاغته يشهد بقدسيته الكاملة ويرد دعوى لحوق غيره به (رد الغيور يد الجاني عن الحرم).