مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٢٩٤
وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال: (إن الراسخين في العلم هم الذين أغناهم الله عن الاقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب، إقرارا بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب، فقالوا (آمنا به كل من عند ربنا) (1) وقد مدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علما، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخا).
الاعتقاد في التكليف لم يستدرك الشيخ أبو عبد الله المفيد في هذا الباب على الشيخ الصدوق رحمهما الله وخلاصة كلام الشيخ أبي جعفر هو أن الله تعالى لم يكلف عباده إلا دون ما يطيقون واستشهد بقوله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (2) ثم فسر الوسع بأنه (دون الطاقة) كما تمسك بحديث روي عن الصادق (عليه السلام) في هذا الشأن أيضا.
الاعتقاد في أفعال العباد قال الصدوق عليه الرحمة: اعتقادنا في أفعال العباد أنها مخلوقة خلق تقدير لا خلق تكوين، ومعنى ذلك أنه لم يزل عالما بمقاديرها.
وقد استدرك الشيخ المفيد قدس سره على الشيخ أبي جعفر بقوله: الصحيح عن آل محمد (صلى الله عليه وآله) أن أفعال العباد غير مخلوقة لله، والذي ذكره أبو جعفر قد جاء به حديث غير معمول به ولا مرضي الإسناد، والأخبار الصحيحة بخلافه، وليس يعرف في لغة العرب أن العلم بالشئ هو خلق له، ولو كان ذلك - كما قال المخالفون للحق - لوجب أن يكون من علم النبي (صلى الله عليه وآله) فقد خلقه، ومن علم السماء والأرض فهو خالق لهما، ومن عرف بنفسه شيئا من صنع الله تعالى وقرره في نفسه لوجب أن يكون خالقا له. وهذا محال لا يذهب وجه الخطأ فيه على بعض رعية الأئمة (عليهم السلام) فضلا عنهم...

(1) آل عمران - 7 (2) البقرة - 286
(٢٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 ... » »»