ومن جملة الآيات التي فسرها الصدوق في هذا الباب، دفعا لتوهم النقص في ذات الباري تعالى، هذه الآيات (يخادعون الله وهو خادعهم) (1) وقوله تعالى (ومكروا ومكر الله) (2) و (الله يستهزئ بهم) (3) فقال: (وفي القرآن (يخادعون الله وهو خادعهم) وفيه أن (الله يستهزئ بهم) وفي القرآن (سخر الله منهم) (4) وفيه (نسوا الله فنسيهم) (5) ومعنى ذلك كله أنه عز وجل يجازيهم جزاء المكر، وجزاء المخادعة، وجزاء الاستهزاء، وجزاء النسيان، وهو أن ينسيهم أنفسهم كما قال عز وجل (ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم) (6) لأنه عز وجل في الحقيقة لا يمكر ولا يخادع ولا يستهزئ ولا يسخر ولا ينسى، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
وقد استدرك المفيد عليه قائلا (هو كما قال إلا أنه لم يذكر الوجه في ذلك، والوجه أن العرب تسمي الشئ باسم المجازى عليه للتعلق فيما بينهما والمقارنة، فلما كانت المجازى عليها مستحقة لهذه الأسماء كان الجزاء سمي بأسمائها (ص 21).
ثم استشهد بهذه الآية (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا) (7) ثم قال (فسمى ما يأكلون من الطيبات تسمية النار وجعله نارا لأن الجزاء عليه النار).
وبديهي أنه إذا كان غرض المفيد من الاستشهاد بهذه الآية لبيان أنه بمجرد المقارنة بين الجزاء والمجازي عليه يطلق أحدهما على الآخر كما هو الحال في آيات المكر والخديعة والاستهزاء، حيث أطلق الجزاء وأريد به المجازى عليه، وفي هذه الآية انعكس الأمر فأطلق المجازى عليه مكان الجزاء وهو النار، فذاك إتمام للمطلب.
وقد استدرك المفيد على الصدوق في تفسير قوله تعالى (نسوا الله) فقال: النسيان