مجموعة الرسائل - الشيخ لطف الله الصافي - ج ١ - الصفحة ٢٨٩
صفات الحدوث والمخلوقية لها، ودفع توهم عدم حدوثها لا أنه لم يلتفت إلى أن الإضافة تكريمية وتشريفية، ويكفي دليلا على التفاته إلى هذه اللطيفة أنه في مقام التشبيه شبه إضافة الروح بإضافة البيت إلى ذاته المقدسة.
ومن الآيات التي فسرها الصدوق في هذا الباب في رفع توهم المجسمة قوله تعالى (يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي) (1) فقال: إن المراد: بقدرتي وقوتي.
وقد استدرك عليه الشيخ المفيد فقال: هذا يفيد تكرار المعنى فكأنه قال: بقدرتي وقدرتي، أو بقوتي وقوتي، إذ القدرة هي القوة والقوة هي القدرة، بل المراد من (بيدي) هو: بنعمتي، والمراد منهما نعمة الدنيا ونعمة الآخرة و (الباء) في قوله تعالى (بيدي) تقوم مقام اللام واللام لام الغاية، أي خلقت لنعمتي كما قال في سورة الذاريات (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (2) ثم قال: وفي تأويل الآية وجه آخر وهو أن المراد باليدين فيهما هو القوة والنعمة فكأنه قال: خلقت بقوتي ونعمتي، وفيه وجه آخر وهو أن إضافة اليدين إليه إنما أريد تحقق الفعل وتأكيد إضافته إليه وتخصيصه به دون ما سوى ذلك من قدرة أو نعمة، وشاهد ذلك قوله تعالى: (ذلك بما قدمت يداك) (3) والعرب تقول (يداك أوكتا، وفوك نفخ).
ومما تجدر الإشارة إليه هو أن الصدوق قال في تفسير الآية أيضا (بل يداه مبسوطتان) يعني نعمة الدنيا ونعمة الآخرة.
وربما استفيد ذلك من قول اليهود (يد الله مغلولة) (4) حيث اليد مفردة بمعنى أن اليهود لما كانوا غير معتقدين بعالم الآخرة، بل كانوا يعتقدون بنعمة الدنيا وهذا العالم فحسب، فإنهم عبروا عن ذلك باليد، وبما أنهم كانوا يزعمون أن هذا العالم يجري لوحده وأن الله فرغ منه وخرج عن أمره، فقد أنكروا استمرار نعمة الله وإفاضة فيضه، ولذا فقد عبر عن قولهم (يد الله مغلولة)

(1) ص - 75 (2) الذاريات - 56 (3) حج - 10 (4) المائدة - 64
(٢٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 ... » »»