منها قوله تعالى (للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا) (1).
قد أبطل الله تعالى بهذه الآية النظام الجاهلي المبني على توريث الرجال دون النساء مثل توريث الابن دون البنت، وتوريث الأخ دون الأخت، وتوريث العم دون العمة، وابن العم دون بنته، فقرر بها مشاركة النساء مع الرجال في الإرث إذا كن معهم في القرابة في مرتبة واحدة، كالابن والبنت والأخ والأخت، وابن الابن وبنته والعم والعمة وغيرهم، فلا يوجد في الشرع مورد تكون المرأة مع المرء في درجة واحدة الا وهي ترث من الميت بحكم هذه الآية الكريمة.
والآية صريحة ونص على إبطال النظام الجاهلي المذكور، وإعطاء النظام الإلهي المبني على توريث أهل طبقة واحدة، كما أنها صريحة في توريث الرجال مع النساء، فكما أن القول بحرمان الرجال الذين هم في طبقة واحدة نقض لهذه الضابطة المحكمة الشريفة، كذلك القول بحرمان النساء أيضا والحال هذا نقض لهذه الضابطة القرآنية.
ومثل هذا النظام الذي تجلى فيه اعتناء الإسلام بشأن المرأة، ورفع مستواها في الحقوق المالية كساير حقوقها، يقتضي أن يكون عاما لا يقبل التخصيص والاستثناء إلا إذا كان وجهه ظاهرا بنظر العرف لا يعد عنده نقض القاعدة المقررة، كما هو كذلك (أي نقض للقاعدة) على القول بالتعصيب.
فالفرق واضح بين إخراج الوارث الكافر أو القاتل من تحت العمومات بالتخصيص، وإخراج العمة إذا كانت مع العم عن إرث ابن الأخ بالتعصيب، وكذا إخراج بنت العم إذا كانت مع ابن العم، والحكم بحرمانها عما بقي من الفرائض، واختصاص ما بقي بابن العم، فإن في الأول تخصيص عمومات الإرث بالوارث الكافر والقاتل، تخصيص عرفي يحمل به العام على الخاص تحكيما للأظهر على الظاهر، فإخراج الولد القاتل عن عموم قوله تعالى: (للرجال نصيب،) الآية، لا يعد نقضا لأصل القاعدة التي بينتها هذه الآية،