بخلاف تخصيص هذه القاعدة بالنساء فيما بقي من الفرائض، فإنه عند العرف يعد نقضا لهذه القاعدة التي قررت مشاركة النساء مع الرجال في الميراث بلا موجب ظاهر، فلا يراه العرف إلا كنفي تلك القاعدة ورفع اليد عن حكمتها وفائدتها قاعدة تقتضي شمولها لجميع الموارد.
وهذا أمر يظهر بالتأمل وملاحظة مناسبة الحكم والموضوع، ففي الأول ليس التخصيص والإخراج منافيا لمناسبتهما، بخلاف الثاني فان الحكم باختصاص المرء بالمال مناف لمناسبة الحكم والموضوع في النظام المذكور الآبي عن الاستثناء.
إن قلت: لا اعتبار بفهم العرف وجه حكم الشرع، فسواء فهمه أم لم يفهمه وجب علينا القول والاتباع والتسليم، قال الله تعالى (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) (1) وهذا أي عدم دخل فهم وجه حكم الشرع في وجوب الامتثال والتسليم القلبي والعملي ثابت بالعقل والشرع، ولعلك لم تجد عارفا بحكمة جميع الأحكام بالتفصيل لا من العلماء ولا من غيرهم إلا من علمه الله تعالى ذلك.
قلنا: نعم يجب علينا التسليم والإطاعة وإن لم نفهم وجه حكمة الحكم، بل كمال العبودية لله تعالى لا يتحقق إلا بالتسليم المحض قبال أوامر المولى، فلا يسأل العبد في مشهد العبودية عن وجه أمر المولى، لا يلتفت إلى نفسه ولا يرى إلا مولاه، لا يقصد بعمله إلا وجه الله تعالى وإطاعة أمره، قال الله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) (2) وقال سبحانه وتعالى (ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن) (3) إلا أن ذلك لا يدفع ما ذكرناه، ولا يبطل به ما يستظهر العرف بمناسبة الحكم والموضوع من الألفاظ، فيرى في مورد العموم المستفاد من اللفظ آبيا عن التخصيص،