هذا، ومن تأمل في ما ذكر من العلل يعرف أن ترك مثل هذا الخبر بها ليس من الخروج على السنة بشئ، وإلا فليعد كل من ترك خبرا لعلة من العلل خارجا على السنة، وسواء قبل القائل بالتعصيب سقوط هذا الخبر عن الاعتبار، أم لم يقبل فهو معارض بالأخبار الصحيحة المخرجة في الصحيحين وغيرها، وبالنصوص القرآنية كما سنبينه إنشاء الله تعالى.
الخبر الثاني: خبر جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما.
ففي الترمذي في باب ما جاء في ميراث البنات: حدثنا عبد بن حميد، حدثني زكريا بن عدي، أخبرنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله قال: جاءت امرأة سعد بن الربيع بابنتيها من سعد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت:
يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك يوم أحد شهيدا، وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا، ولا تنكحان إلا ولهما مال، قال: يقضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث، فبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى عمهما فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك.
وأخرجه أحمد في مسنده، وأخرج نحوه ابن ماجة في باب فرائض الصلب قال:
حدثنا محمد بن ابن عمرو العدني، ثنا سفيان بن عيينة، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر.
وأخرج أبو داود بسنده عن عبد الله في باب ما جاء في الصلب وساق نحوه.
والاحتجاج به ضعيف لأمور:
الأول: لأنه معارض بغيره من الأخبار الواردة في سبب نزول الآية أيضا عن جابر.
قال السيوطي أخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة، وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن جابر بن عبد الله قال: عادني رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأبو بكر في بني سلمة ماشيين، فوجدني النبي (صلى الله عليه وآله) لا أعقل شيئا، فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش علي فأفقت فقلت: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله، فنزلت (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين)