كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٩١
وخيالية بايعه ثمانية عشر ألفا (1) فكتب مسلم إلى الإمام يطلب منه الإسراع بالقدوم مؤكدا له أن الناس كلهم معه (2). وفي رواية " بايع مسلم بن عقيل خمسة وعشرون ألفا، وفي رواية أخرى أربعون ألفا " (3). ولما بدأت ملامح المعركة، وجاء ابن زياد تخلى الناس كلهم عن مسلم بن عقيل ولم يجد من الأربعين ألفا رجلا واحدا يأويه أو يدله على الدرب إلا هانئ بن عروة، وبسرعة تم إلقاء القبض على مسلم وهانئ بن عروة فقطع الوالي الجديد رأسيهما وأرسل الرأسين إلى الخليفة يزيد بن معاوية (4) فليس معقولا أن يبايع أربعون ألفا اليوم ويتنكروا غدا لبيعتهم فلا يثبت أحد منهم على الإطلاق!! والمعقول الوحيد أن البيعة قد كانت بالاتفاق مع دولة الخلافة، مقابل جعل للمبايعين، وأن تنصل المبايعين من بيعتهم قد تم أيضا بالاتفاق مع دولة الخلافة!! وهو ما يعرف بلغة المخابرات المعاصرة بالاختراق!!! حيث ينظم إلى التنظيم المراد اختراقه مجموعة من العيون تتظاهر بعضويتها لهذا التنظيم، وتنقل ما تسمعه، أو تتدخل بمشاريعه!!.
لقد اكتشف أهل الكوفة مكيدة الكتب والرسائل التي أرسلت للإمام الحسين، وأنها من تدبير الدولة لغايات استدراج الإمام إلى المكان الذي تريده،!!! ثم إنه لن يجرؤ أحد منهم على الإعلان عن عدم موالاته لدولة الخلافة، لأن هذا الإعلان يؤدي لقطع العطاء، ويؤدي للموت أيضا!! ولن يجرؤ أحد منهم على الإعلان عن ولائه لعلي بن أبي طالب أو لأحد من أهل بيته، لأن عقوبة هذا الإعلان هي الموت وهدم الدار وهذه العقوبة كانت سارية قبل قدوم مسلم وبعد موته. مما يؤكد أن فكرة البيعة أيضا كانت من تدابير دولة الخلافة!!!.
إن أهل الكوفة أقل وأذل من أن يجرؤوا على البيعة وعلى تحدي سلطة

(١) تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢١١، ومثير الأحزان ص ٢١، واللهوف ص ١٠، وموسوعة كلمات الحسين ص ٥٣.
(٢) راجع تاريخ الطبري ج ٦ ص ٢١١.
(٣) راجع تاريخ ابن عساكر ح ٦٤٩.
(٤) راجع تاريخ الطبري ج ٦ ص ١٩٩ - 215، والإرشاد ص 199 - 200.
(٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327