وخيالية بايعه ثمانية عشر ألفا (1) فكتب مسلم إلى الإمام يطلب منه الإسراع بالقدوم مؤكدا له أن الناس كلهم معه (2). وفي رواية " بايع مسلم بن عقيل خمسة وعشرون ألفا، وفي رواية أخرى أربعون ألفا " (3). ولما بدأت ملامح المعركة، وجاء ابن زياد تخلى الناس كلهم عن مسلم بن عقيل ولم يجد من الأربعين ألفا رجلا واحدا يأويه أو يدله على الدرب إلا هانئ بن عروة، وبسرعة تم إلقاء القبض على مسلم وهانئ بن عروة فقطع الوالي الجديد رأسيهما وأرسل الرأسين إلى الخليفة يزيد بن معاوية (4) فليس معقولا أن يبايع أربعون ألفا اليوم ويتنكروا غدا لبيعتهم فلا يثبت أحد منهم على الإطلاق!! والمعقول الوحيد أن البيعة قد كانت بالاتفاق مع دولة الخلافة، مقابل جعل للمبايعين، وأن تنصل المبايعين من بيعتهم قد تم أيضا بالاتفاق مع دولة الخلافة!! وهو ما يعرف بلغة المخابرات المعاصرة بالاختراق!!! حيث ينظم إلى التنظيم المراد اختراقه مجموعة من العيون تتظاهر بعضويتها لهذا التنظيم، وتنقل ما تسمعه، أو تتدخل بمشاريعه!!.
لقد اكتشف أهل الكوفة مكيدة الكتب والرسائل التي أرسلت للإمام الحسين، وأنها من تدبير الدولة لغايات استدراج الإمام إلى المكان الذي تريده،!!! ثم إنه لن يجرؤ أحد منهم على الإعلان عن عدم موالاته لدولة الخلافة، لأن هذا الإعلان يؤدي لقطع العطاء، ويؤدي للموت أيضا!! ولن يجرؤ أحد منهم على الإعلان عن ولائه لعلي بن أبي طالب أو لأحد من أهل بيته، لأن عقوبة هذا الإعلان هي الموت وهدم الدار وهذه العقوبة كانت سارية قبل قدوم مسلم وبعد موته. مما يؤكد أن فكرة البيعة أيضا كانت من تدابير دولة الخلافة!!!.
إن أهل الكوفة أقل وأذل من أن يجرؤوا على البيعة وعلى تحدي سلطة