فيزيد يجهر بعصيانه وحتى بكفره، وبتركه للصلاة وبإدمانه على الزنى، وتلك أمور يصعب على الرعية الذليلة استيعابها وهضمها، وبأساليب معاوية نجح بتنصيب يزيد وحصل على موافقة الرعية، ويبدو أن ثلاثة قد تمنعوا عليه أحدهم الإمام الحسين بن علي (1).
وكأسلوب من أساليب معاوية تجاهلهم وأوحى لأهل الشام خاصة وللرعية عامة أن الكل قد قبل بيزيد وليا للعهد وخليفة من بعد معاوية (2).
ومن المؤكد أن الابن وأباه قد اتفقا على كليات وتفاصيل مؤامرة قتل الحسين، لا طمعا ببيعته فإنما هو مجرد رجل، ولكن رغبة بقتل الحسين، لأن مجرد وجود الحسين يشكل خطرا على دولة يزيد وتقدير معاوية وأركان دولته أن الحسين إن بقي حيا سيكون بمثابة مركز تجمع لمعارضي الملك الأموي، ولا مجال لمقارنة يزيد بن معاوية بالحسين شرفا وعلما وتاريخا ومنزلة، وعلى هذا الأساس تم التركيز على ضرورة مبايعة الإمام الحسين، ليكون رفض الحسين لمبايعة يزيد مبررا لقتله!! لأن الحسين برأي معاوية ويزيد وأركان الدولة هو أخطر خصومهم. لذلك كانت أول مشاريع يزيد بن معاوية أن أمر واليه على المدينة أن يأخذ بيعة الحسين، وأمره أن يضرب عنق الحسين إن هو امتنع عن البيعة كما رأينا قبل قليل، ولكن الإمام الحسين كان قد خرج من المدينة فرارا بدينه وأهل بيته وموقفه.
تقدير معاوية للموقف قدر معاوية وأركان دولته أن الإمام الحسين لن يبايع يزيد، ولن يقبل به خليفة حتى لو قطعه إربا إربا، وقدر أيضا أن الأكثرية من آل محمد وأهل بيت النبوة لن يبايعوا حتى يبايع الحسين، وقدر أيضا بأن الحسين سيكتشف إنه ليس له في المدينة من يحميه ويحمي أهل بيت النبوة، وأن والي المدينة سيقتله ويقتل أهل بيت النبوة إن بقي في المدينة، ولن يجد فيها من يدافع عنه بيد ولا بلسان،