كربلاء ، الثورة والمأساة - أحمد حسين يعقوب - الصفحة ٨٥
فيزيد يجهر بعصيانه وحتى بكفره، وبتركه للصلاة وبإدمانه على الزنى، وتلك أمور يصعب على الرعية الذليلة استيعابها وهضمها، وبأساليب معاوية نجح بتنصيب يزيد وحصل على موافقة الرعية، ويبدو أن ثلاثة قد تمنعوا عليه أحدهم الإمام الحسين بن علي (1).
وكأسلوب من أساليب معاوية تجاهلهم وأوحى لأهل الشام خاصة وللرعية عامة أن الكل قد قبل بيزيد وليا للعهد وخليفة من بعد معاوية (2).
ومن المؤكد أن الابن وأباه قد اتفقا على كليات وتفاصيل مؤامرة قتل الحسين، لا طمعا ببيعته فإنما هو مجرد رجل، ولكن رغبة بقتل الحسين، لأن مجرد وجود الحسين يشكل خطرا على دولة يزيد وتقدير معاوية وأركان دولته أن الحسين إن بقي حيا سيكون بمثابة مركز تجمع لمعارضي الملك الأموي، ولا مجال لمقارنة يزيد بن معاوية بالحسين شرفا وعلما وتاريخا ومنزلة، وعلى هذا الأساس تم التركيز على ضرورة مبايعة الإمام الحسين، ليكون رفض الحسين لمبايعة يزيد مبررا لقتله!! لأن الحسين برأي معاوية ويزيد وأركان الدولة هو أخطر خصومهم. لذلك كانت أول مشاريع يزيد بن معاوية أن أمر واليه على المدينة أن يأخذ بيعة الحسين، وأمره أن يضرب عنق الحسين إن هو امتنع عن البيعة كما رأينا قبل قليل، ولكن الإمام الحسين كان قد خرج من المدينة فرارا بدينه وأهل بيته وموقفه.
تقدير معاوية للموقف قدر معاوية وأركان دولته أن الإمام الحسين لن يبايع يزيد، ولن يقبل به خليفة حتى لو قطعه إربا إربا، وقدر أيضا أن الأكثرية من آل محمد وأهل بيت النبوة لن يبايعوا حتى يبايع الحسين، وقدر أيضا بأن الحسين سيكتشف إنه ليس له في المدينة من يحميه ويحمي أهل بيت النبوة، وأن والي المدينة سيقتله ويقتل أهل بيت النبوة إن بقي في المدينة، ولن يجد فيها من يدافع عنه بيد ولا بلسان،

(1) الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص 189 - 190.
(2) المصدر نفسه.
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 كلمة المركز 5
2 المقدمة 7
3 الباب الأول: الفئتان المتواجهتان في كربلاء 11
4 الفصل الأول: قائدا الفئتين 13
5 الفصل الثاني: أركان قيادة الفئتين 27
6 الفصل الثالث: عدد الفئتين 37
7 الفصل الرابع: المواقف والأهداف النهائية لقيادتي الفئتين 45
8 الباب الثاني: دور الأمة الإسلامية في مذبحة كربلاء 53
9 الفصل الأول: حالة الأمة وقت خروج الحسين عليه السلام وموقفها منه 55
10 الفصل الثاني: الموقف النهائي لأكثرية الأمة الإسلامية من مذبحة كربلاء 67
11 الفصل الثالث: الأقلية التي وقفت مع الامام الحسين عليه السلام أو تعاطفت معه 99
12 الفصل الرابع: أخباره السماء عن مذبحة كربلا 121
13 الباب الثالث: بواعث رحلة الشهادة ومحاطتها الأولى 141
14 الفصل الأول: التناقض الصارخ بين الواقع والشرعية 143
15 الفصل الثاني: اقتراحات المشفقين 167
16 الفصل الثالث: الإمام الحسين عليه السلام يشخص أمراض الأمة المزمنة 187
17 الفصل الرابع: رحلة الإمام الحسين عليه السلام للشهادة في سبيل الله 211
18 الفصل الخامس: محطات رحلة الشهادة من مكة إلى كربلاء 237
19 الباب الرابع: استعدادات الخليفة وأركان دولته لمواجهة الإمام 263
20 الفصل الأول: المواجهة 265
21 الفصل الثاني: خطط الخليفة وعبيد الله بن زياد لقتل الإمام الحسين وإبادة أهل بيت النبوة عليهم السلام 273
22 الفصل الثالث: الإمام يقيم الحجة على جيش الخلافة 281
23 الفصل الرابع: الإمام يأذن لأصحابه بالانصراف وتركه وحيدا 295
24 الفصل الخامس: الاستعدادات النهائية واتخاذ المواقع القتالية 301
25 الفصل السادس: مصرع الحسين وأهل بيته عليهم السلام 327