قال المسعودي: " وبايع من بقي من أهل المدينة على أنهم قن ليزيد " (1).
قال الدينوري: " فلما كان اليوم الرابع جلس مسلم بن عقبة، فدعاهم للبيعة، فكان أول من أتاه يزيد بن عبد الله وجدته أم سلمة زوج النبي، فقال له مسلم: بايعني، قال: أبايعك على كتاب الله وسنة نبيه، فقال مسلم: بل بايع على إنك فئ لأمير المؤمنين يفعل في أموالكم وذراريكم ما يشاء، فأبى أن يبايع على ذلك، فضربت عنقه " (2).
وأتي بيزيد بن وهب بن زمعة، فقال له مسلم: بايع، فقال: أبايعك على سنة عمر، فقال مسلم: اقتلوه، فقتل (3).
بيعة الحسين ودور معاوية بمذبحة كربلاء نجح معاوية بن أبي سفيان بالاستيلاء على منصب الخلافة بالقوة، وبقهر يفوق التصور، وبأساليبه المتعددة التي أشاعت الرعب في قلوب المسلمين، وأدت لإبادة الأكثرية الساحقة من القلة المؤمنة التي حاربته وأباه على الشرك 23 عاما، وقامت دولة النبوة على أكتافها وبنجاح أساليب معاوية أرسى قواعد باستخدام العنف بالتعامل مع الرعية وإخضاعها بالقوة والإرهاب.
بعد هذا النجاح الساحق قرر معاوية أن يمضي قدما في مخططه وأن يحول الخلافة إلى ملك على شاكلة ملك كسرى وقيصر ولكن بجبة ولحية إسلامية!!!
على اعتبار إن الإسلام هو طريق الملك، وأنه دين أغلبية الرعية، وقرر معاوية أن يحصر هذا الملك في بيت أبي سفيان خاصة والبطن الأموي عامة لذلك اختار ابنه يزيد بن معاوية ليكون وليا لعهده وخليفة من بعده، صحيح أن معاوية قد أباد القلة المؤمنة ولم ينج منها إلا القليل، وصحيح أيضا أن معاوية قد أرهب الرعية وأذلها حتى صارت أذل من الذليل، ولكن قراره باختيار يزيد غير معقول وغير منطقي،