وفي " تحفة الأزهار " لابن شدقم " إن عددها كان ثمانين ألفا ".
ولكن الأقرب إلى الحقيقة أن عدد جيش الخلافة كان يتراوح بين عشرين ألفا وثلاثين ألفا، وأن ابن زياد لم يتوقف عن إرسال المدد إلى عمر بن سعد حتى تمت المذبحة بدليل ما أجمع المؤرخون على قول ابن زياد لعمر بن سعد: " إني لم أجعل لك علة في كثرة الخيل والرجال، لا تمس ولا تصبح إلا وخبرك عندي غدوة وعشية ". وبتعبير العصر لقد أعلنت التعبئة العامة في دولة الخلافة عامة وفي أقاليم العراق خاصة، يحشدون الخيل والرجال ويرسلونها إلى جبهة القتال في كربلاء!!!
وكانت الشعوب تواقة " للجهاد " لا حبا بالله أو برسوله ولكن طمعا بالمغانم، وابتغاء لمرضاة الخليفة الذي بيده الأموال والنفوذ يعطي ما يشاء لمن يشاء!!! بلا حسيب ولا رقيب، وبهذا المناخ فكأني بطلاب الدنيا يتهافتون تهافتا على وجهاء قبائلهم وعرفائهم وعلى الوالي وأركان ولايته، طالبين السماح لهم ب " نيل شرف " قتال الإمام الحسين وآل محمد، وأهل بيت النبوة، وذوي قربى النبي، ومن والاهم، وكأني بالخليفة والولاة وأركان دولة الخلافة وقد استغلوا هذا الانحراف أبشع استغلال ليعمقوا الهوة بين الأمة وقيادتها الشرعية المتمثلة بآل محمد وأئمة أهل بيت النبوة الأطهار.
قال البلاذري في " أنساب الأشراف ": إن عبيد الله بن زياد خطب وقال:
" فلا يبقين رجل من العرفاء، والمناكب، والتجار، والسكان، إلا خرج فعسكر معي، فأيما رجل وجدناه بعد يومنا هذا متخلفا عن العسكر برئت منه الذمة " (1).