وأبسط ما يفعله قادة الدول مع الذين يرتكبون أعمالا أقل وحشية من مجزرة كربلاء أن يحيلونهم على التقاعد!! أو يعفونهم من مناصبهم احتراما لمشاعر المجتمعات التي يحكمونها، لكن يزيد لم يفعل ذلك، بل ولم يسمح لأحد بأن ينتقد عبيد الله بن زياد. روى الطبري في تاريخه قال: لما وضعت الرؤوس " رأس الحسين وأهل بيته وأصحابه " بين يدي يزيد بن معاوية قال يزيد:
يفلقن هاما من رجال أعزة * علينا وهم كانوا أعق وأظلما فقال يحيى بن الحكم، أخو مروان:
لهام بجنب الطف أدنى قرابة * من ابن زياد العبد ذي الحسب الوغل سمية أمسى نسلها عدد الحصى * وبنت رسول الله ليس لها نسل فضرب يزيد في صدر يحيى وقال له: اسكت.
فيزيد لا يسمح حتى لابن عمه أن ينتقد فعل عبيد الله في كربلاء أو أن ينتقد عبد الله، لسبب بسيط هو أن ما فعله عبيد الله كان تنفيذا حرفيا لمشيئة يزيد وموقفه النهائي القاضي بقتل آل محمد وقتل من يواليهم!!! ثم إن يزيد قد اعترف أمام وفده الذي أرسله إلى ابن الزبير، إذ قال: " لن يكون أعظم من الحسين، ولا الزبير أعظم من علي... " (1).
عيد في عاصمة يزيد:
قال الخوارزمي الحنفي بروايته عن سهل بن سعد، خرجت إلى بيت المقدس حتى توسطت الشام، فإذا أنا بمدينة مطردة الأنهار، كثيرة الأشجار. قد علقوا الستور، والحجب، والديباج، وهم فرحون، مستبشرون وعندهم نساء يلعبن بالدفوف والطبول، فقلت في نفسي: لعل لأهل الشام عيدا لا نعرفه نحن، فرأيت قوما يتحدثون، فقلت: يا هؤلاء ألكم بالشام عيد لا نعرفه نحن؟ قالوا: يا شيخ نراك غريبا. فقلت: أنا سهل بن سعد قد رأيت رسول الله وحملت حديثه... ثم أخبروه قائلين: " هذا رأس الحسين عترة رسول الله يهدى من أرض