عندما عاد علي بن الحسين إلى المدينة قال في مقطع من خطبة ألقاها بمستقبليه ومعزيه من أهل المدينة:
" والله لو أن النبي تقدم إليهم في قتالنا، كما تقدم إليهم بالوصاة بنا لما زادوا على ما فعلوا، فإنا لله وإنا إليه راجعون " (1).
الملك والجيش والأمة والمذبحة:
قد يتصور بعض الناس أن ملك الفرس، أو ملك الروم، أو ملك التتار هو الذي أمر بالمذبحة!! لا إنه ملك المسلمين يزيد بن معاوية بن أبي سفيان!!!
والجيش الذي ارتكب المذبحة ليس جيش الفرس، ولا جيش الروم ولا جيش التتار ولكنه جيش الخلافة الإسلامي!!! وقائد الجيش الذي أشرف على تنفيذ المذبحة هو عمر بن سعد بن أبي وقاص!!! يعاونه أركان قيادته المسلمة!!!.
والأمة التي شهدت المذبحة لم تكن أمة التتار ولا أمة السكسون ولا الهنود الحمر إنما كانت الأمة الإسلامية!!..
جريمة مع التعمد والإصرار:
المجرمون الذين ارتكبوا مذبحة كربلاء، كانوا يعلمون علم اليقين أن المذبحة أشنع جريمة، وأن النبي قد حذرهم منها بكل وسائل التحذير، وكانوا يعلمون علم اليقين أنهم يقتلون آل محمد، وأهل بيته، وكانوا يعلمون علم اليقين أن مذبحة كربلاء تصيب من النبي مقتلا، وتفجعه بأحب الخلق إليه، ولكن القتلة ملكا وجيشا وقيادة مع سبق الإصرار والترصد نفذوا جريمتهم النكراء بوحشية بالغة وعدم مبالاة.
والأكثرية الساحقة من الأمة الإسلامية كانت تعلم علم اليقين أن الذين أخرجوا إلى كربلاء هم آل محمد، وأهل بيته، وذوو قرباه، وكانت تعرف مراتبهم العلية، ودرجاتهم السنية وقد سمعت من النبي أنباء المذبحة قبل وقوعها بستين