من يهرب. ثم رجف، ثم قذف، ثم خسف ثم مسخ. ثم الجوع الأغبر، ثم الموت الأحمر وهو الغرق.
يا منذر: ان للبصرة ثلاثة أسماء سوى البصرة في زبر الأول، لا يعلمها الا العلماء.
منها الخريبة، ومنها تدمر، ومنها المؤتفكة. إلى أن قال:
يا أهل البصرة: ان الله لم يجعل لاحد من أمصار المسلمين خطة شرف ولاكرم الا وقد جعل فيكم أفضل من ذلك، وزادكم من فضله بمنه ما ليس لهم. أنتم أقوم الناس قبلة، قبلتكم على المقام حيث يقوم الامام بمكة. وقارؤكم أقرأ الناس.
وزاهدكم أزهد الناس. وعابدكم أعبد الناس. وتاجركم أتجر الناس وأصدقهم في تجارته. ومتصدقكم أكرم الناس صدقة. وغنيكم أشد الناس بذلا وتواضعا. وشريفكم أكرم الناس خلقا. وأنتم أكثر الناس جوارا، وأقلهم تكلفا لما لا يعنيه، وأحرصهم على الصلاة في جماعة. ثمرتكم أكثر الثمار. وأموالكم أكثر الأموال. وصغاركم أكيس الأولاد. ونساؤكم أمنع الناس وأحسنهن تبعلا. سخر لكم الماء يغدو عليكم ويروح صلاحا لمعاشكم، والبحر سببا لكثرة أموالكم. فلو صبرتم واستقمتم لكانت شجرة طوبى لكم مقيلا وظلا ظليلا. غير أن حكم الله ماض، وقضاءه نافذ، لا معقب لحكمه، وهو سريع الحساب، يقول الله " وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة، أو معذبوها عذابا شديدا، كان ذلك في الكتاب مسطورا ".
إلى أن قال:
" إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لي يوما، وليس معه غيري: إن جبرئيل الروح الأمين حملني على منكبه الأيمن حتى أراني الأرض ومن عليها، وأعطاني أقاليدها، وعلمني ما فيها، وما قد كان على ظهرها، وما يكون إلى يوم القيامة. ولم يكبر ذلك على كما لم يكبر على أبي آدم، علمه الأسماء كلها ولم تعلمها الملائكة المقربون.
واني رأيت على شاطئ البحر قرية (بلدة) تسمى البصرة، فإذا هي أبعد الأرض من السماء وأقربها من الماء. وانها لأسرع الأرض خرابا، وأخشنها ترابا، وأشدها عذابا.