صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٧٠
ثم مشى موكب الزمان بتاريخ معاوية، فإذا به المثال الذي يضربه فقهاء المذاهب الأربعة، للسلطان الجائر (1)..
وإذا به الباغي الذي يجب قتاله برأي أبي حنيفة النعمان بن ثابت (2).
فأين الخلافة المزعومة، يا ترى؟.
وجاء المعتضد العباسي، فنشر من جديد فعال معاوية وبوائقه الكبرى وما قيل فيه، وما روي في شأنه. ودعا المسلمين إلى لعنه، في مرسوم ملكي أذيع على الناس سنة 284 للهجرة (3).
وقال الغزالي بعد ذكره لخلافة الحسن بن علي (ع): " وأفضت الخلافة إلى قوم تولوها بغير استحقاق (4) ".
وكان أروع ما ذكره به القرن السادس، قول نقيب البصرة فيه: " وما معاوية الا كالدرهم الزائف (5) ".
وصرح ابن كثير بنفي الخلافة عن معاوية استنادا إلى الحديث، قال: " قد تقدم أن الخلافة بعده عليه السلام ثلاثون سنة، ثم تكون ملكا، وقد انقضت الثلاثون بخلافة الحسن بن علي، فأيام معاوية أول الملك (6) ".
وقال الدميري المتوفى سنة 808 هجري بعد ذكره مدة خلافة الحسن (ع): " وهي تكملة ما ذكره رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم من مدة

(١) وذلك في اتفاقهم على جواز تقلد القضاء من السلطان الجائر، استنادا إلى عمل الصحابة في تقلدهم القضاء من معاوية.
(٢) قال أبو حنيفة: " أتدرون لم يبغضنا أهل الشام؟ ". قالوا: " لا ". قال: " لأنا نعتقد أن لو حضرنا عسكر علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، لكنا نعين عليا على معاوية، ونقاتل معاوية لأجل علي، فلذلك لا يحبوننا ". يراجع النصائح الكافية لابن عقيل (ص ٣٦) فيما يرويه عن أبي شكور في كتابه " التمهيد في بيان التوحيد ".
(٣) نجد نص المرسوم على طوله في تاريخ الطبري (ج ١١ ص ٣٥٥).
(٤) دائرة معارف القرن العشرين لفريد وجدي (ج ٣ ص ٢٣١).
(٥) أبو جعفر النقيب (ص ٤١ - طبع بغداد).
(٦) البداية والنهاية (ج 8 ص 19).
(٢٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 ... » »»