صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٥٨
وروى فريق من المؤرخين، فيهم الطبري وابن الأثير: " أن معاوية أرسل إلى الحسن صحيفة بيضاء مختوما على أسفلها بختمه "، وكتب اليه: " أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت، فهو لك (1) ".
ثم بتروا الحديث، فلم يذكروا بعد ذلك، ماذا كتب الحسن على صحيفة معاوية. وتتبعنا المصادر التي يسر لنا الوقوف عليها، فلم نر فيما عرضته من شروط الحسن عليه السلام، الا النتف الشوارد التي يعترف رواتها بأنها جزء من كل. وسجل مصدر واحد صورة ذات بدء وختام، فرض أنها [النص الكامل لمعاهدة الصلح]، ولكنها جاءت - في كثير من موادها - منقوضة بروايات أخرى تفضلها سندا، وتزيدها عددا.
* * * ولنا لو أردنا الاكتفاء، أن نكتفي - في سبيل التعرف على محتويات المعاهدة - برواية (الصحيفة البيضاء)، كما فعل رواتها السابقون، فبتروها اكتفاء باجمالها عن التفصيل، ذلك لان تنفيذ الصلح على قاعدة " اشترط ما شئت فهو لك " معناه أن الحسن أغرق الصحيفة المختومة في أسفلها، بشتى شروطه التي أرادها، فيما يتصل بمصلحته، أو يهدف إلى فائدته، سواء في نفسه أو في أهل بيته أو في شيعته أو في أهدافه، ولا شئ يحتمل غير ذلك.
وإذا قدر لنا - اليوم - أن لا نعرف تلك الشروط بمفرداتها، فلنعرف أنها كانت من السعة والسماحة والجنوح إلى الحسن، بحيث صححت ما يكون من الفقرات المنقولة عن المعاهدة أقرب إلى صالح الحسن،

(1) الطبري (ج 6 ص 93) وابن الأثير (ج 3 ص 162).
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 258 259 260 261 262 264 ... » »»