صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٧٤
إلى مختلف الآراء وشتى التحزبات، بين المجتمع الواحد وفي الأفق الواحد والدين الواحد، ذلك لان مراجع هذا التاريخ أنفسهم، كانوا يعيشون تحت تأثير آراء وتحزبات لا معدي لهم عنها في مثل عصورهم. ومن الصعب جدا أن يطيق كاتب ما يومئذ التحلل - فيما يكتب - من المؤثرات العاطفية التي تشترك في تكوينه أدبيا وفي تدوير أعماله ومصالحه اجتماعيا. ومن هنا كان هذا القلق الملموس - المأسوف عليه - في كثير من موضوعات التاريخ الاسلامي.
ومن الحق أن نعتقد هنا، بأن قصة " البيعة " التي طعنت بها قضية الحسن في صلحه مع معاوية، انما كانت وليدة تلك المؤثرات التي كتب المؤرخون تحت تأثيرها تواريخهم، فرأوا من الدعاوات المغرضة لتسجيل هذه القصة كحقيقة واقعة ما يحفزهم إلى حسن الاحتذاء، تطوعا للمنفعة العاجلة أو جهلا بالواقع، ورأوا من التصريح " بتسليم الامر " في صلب المعاهدة ما يسوغ لهم - أو قل - ما ييسر لهم التوسع إلى ادعاء الاعتراف بالخلافة، ثم إلى ادعاء الانقياد بالبيعة!!. وخفي عليهم ان الخلافة - بما هي منصب الهي - لا يمكن ان تنقاد إلى مساومة أو تسليم، ولا يمكن ان تمسها الظروف الزمنية في " صلح " أو " تحكيم ".
ولكي نزداد بصيرة في تفهم معنى " تسليم الامر " الوارد في المادة الأولى من معاهدة الصلح، علينا أن نرجع إلى طريقتنا في استنتاج الحد بين هزل المؤرخين فندرس على المتعاقدين أنفسهما تفسير هذا المجمل من حيث التقييد والاطلاق.
3 - تسليم الامر:
علمنا - مما تقدم - أن معاوية قال لابنه يزيد، وهو يشير إلى أهل البيت عليهم السلام: " ان الحق حقهم ".
وعلمنا انه كتب إلى الحسن في التمهيد للصلح " ولا تقضى دونك الأمور ولا تعصى في أمر ".
(٢٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 ... » »»