صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٨١
أمير المؤمنين علي عليه السلام، سواء حضر الحسن أو غاب. ولا يؤخذ بما ألحقه بها بعض المؤرخين من اشتراط الامتناع عن السب بحال حضور الحسن واستماعه (1)، ولا هو مما يتمشى مع روح الصلح إذا كان الفريقان في صدد صلح حقيقي وتفاهم دائم.
وأما المادة الرابعة، فلم تكن في حقيقتها الا استثناء متصلا من الماديات التي اشترطت المعاهدة تسليمها لمعاوية. ومعنى ذلك أن المعاهدة سلمت لمعاوية ما أراد من الملك عدا المبالغ المنوه عنها في هذه المادة، فاستأثر الحسن بها لنفسه ولأخيه ولشيعته، وكانت من حقوقه التي جعل له الله تعالى التصرف فيها. واختار من الخراج الحلال - فيما استثنى - أبعده عن الشبهات من الوجهة الشرعية، وهو خراج دار ابجرد (2).
أقول:
وأين هذا التفسير مما تطاول به بعضهم من التحامل الجرئ والافتئات البذيء، على مقام الامام الحسن بن علي عليهما السلام، حين أساء فهم هذه المادة فخلق من هذه الأموال ثمنا للخلافة ومن الحسن بائعا ومن معاوية مشتريا. وان الأولى بهذا الفهم البليد - الذي هان عليه أن يتصور الثمن والمثمن كليهما من البائع، ثم يدعي مع ذلك وقوع البيع - ان لا يتعرض فيما يكتب للموضوعات التي تكشف لقارئه بلادته، فيسئ إلى نفسه قبل أن يسيء إلى موضوعه.

(1) قاله ابن الأثير (ج 3 ص 162)، وقال بعده: " ثم لم يف به أيضا!! ".
(2) قال في الكامل (ج 3 ص 162): " وأما خراج دار ابجرد فان أهل البصرة منعوه، وقالوا هو فيئنا لا نعطيه أحدا ". قال: " وكان منعهم بأمر معاوية أيضا!! ".
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 284 285 286 287 ... » »»