صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٦٧
وتصريحات المتعاقدين أنفسهما، لم تنبس قط، بذكر بيعة ولا امامة ولا خلافة. فأين إذا، ما يدعيه غير واحد من هؤلاء المؤرخين وعلى رأسهم ابن قتيبة الدينوري، من أن الحسن بايع معاوية على الإمامة!!..
وقبل الانتقال إلى مناقشة هذا الموضوع، أو مناقشة القائلين به نتقدم بتمهيد عابر عن نسبة الخلافة الاسلامية إلى معاوية بن أبي سفيان، وامتناع البيعة الشرعية لمثله، فنقول:
معاوية والخلافة:
لقد مر فيما ذكرناه بين أطواء المناسبات الآنفة، أن خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الاسلام لا ينبغي ان تكون الا في أقرب المسلمين شبها به في سائر مزاياه الفضلى، وانه ليس لطليق ولا لولد طليق ولا لمسلمة الفتح شئ في هذا الامر (كما قاله عمر)، وأن الخلافة بعد رسول الله ثلاثون سنة ثم تكون ملكا عضوضا (الحديث كما صححه أهل السنة)، وأن لا امامة الا بالنص والتعيين (كما عليه الشيعة والمعتزلة)، وأن الغلبة والقوة لا تجعل غير الجائز جائزا، فلا يصح أخذ الخلافة عنوة ولا فرضها على المسلمين قسرا، وأن الذي يكون خليفة النبي (ص) لا يمكن أن ينقاد - لا ظاهرا ولا سرا - إلى مناقضته في أحكامه، فيلحق العهار بالنسب ويصلي الجمعة يوم الأربعاء وينقض عهد الله بعد ميثاقه.
ونزيد هنا: أن قادة الرأي في الأمة الاسلامية منذ عهد معاوية والى يوم الناس هذا، لم يفهموا من استيلاء معاوية على الامر، معنى الخلافة عن رسول الله (ص) بما في هذا اللفظ من معنى، رغم الدعاوة الأموية النشيطة التي تجند لها الخلفاء الأميون من بني أمية ومن إليهم، زهاء الف شهر، هي مدة حكمهم في الاسلام، أنفقوا فيها الرشوات بسخاء، ووضعوا فيها الأحاديث والأقاصيص وفق الخطط والأهواء، ثم بقي معاوية - مع كل ذلك - ملكا دنيويا وخليفة اسميا لا أقل ولا أكثر.
دخل عليه - بعد أن استقر له الامر - سعد بن أبي وقاص فقال له:
(٢٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 264 265 266 267 268 269 270 271 272 ... » »»