صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٦٦
1 - تصريحات الفريقين:
ويكفينا الآن من تصريحات معاوية بعد الصلح، فيما يمت إلى معاهدته مع الحسن عليه السلام قوله فيما يرويه عنه كثير منهم ابن كثير (1): " رضينا بها ملكا "، وقوله في التمهيد لهذه المعاهدة - قبل الصلح - فيما كان يراسل به الحسن: " ولك أن لا يستولى عليك بالإساءة ولا تقضى دونك الأمور ولا تعصى في أمر (2) ".
ويكفينا من تصريحات الحسن (ع) ما قاله أكثر من مرة في سبيل افهام شيعته حيثيات صلحه مع معاوية: " ما تدرون ما فعلت والله للذي فعلت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس ". وما قاله مرة أخرى لبشير الهمداني وهو أحد رؤساء شيعته في الكوفة: " ما أردت بمصالحتي الا ان أدفع عنكم القتل (3) "، وما قاله في خطابه - بعد الصلح -: " أيها الناس ان الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، وقد سالمت معاوية، وان أدري لعله فتنة ومتاع إلى حين (4) ".
وليس في شئ من هذه التصريحات ولا في الكثير مما جرى على نسقها، سواء من معاوية أو من الحسن عليه السلام، ما يستدعينا إلى الالتواء في فهم العقد القائم بينهما، الذي لم يقصد منه الا الأهداف التي أشرنا إليها آنفا. فلمعاوية طموحه إلى الملك، وللحسن خطته في حماية الشيعة من القتل، وصيانة المبادئ الدينية التي هي خير مما طلعت عليه الشمس، والمسالمة إلى حين.
ولا بدع - بعد هذا - في تقرير هذه الحقيقة على واقعها، وفي التنبيه إلى جنف كثير من المؤرخين فيما حرفوا من أهداف كل من المتعاقدين، وفيما أساءوا فهمه من نصوصهما. ولقد ترى، ان المعاهدة نفسها

(1) في تاريخه (ج 6 ص 220).
(2) ابن أبي الحديد (ج 4 ص 13).
(3) الدينوري (ص 203).
(4) اليعقوبي (ج 2 ص 192).
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»