صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٧٢
2 - حديث البيعة:
وجاء فيما يرويه الكليني رحمه الله (ص 61): " ان الحسن اشترط على معاوية أن لا يسميه أمير المؤمنين ".
وجاء فيما يرويه ابن بابويه رحمه الله في العلل (ص 81)، ورووا غيره أيضا: " أن الحسن اشترط على معاوية أن لا يقيم عنده شهادة ".
ولا أكثر مما تضمنته هاتان الروايتان تحفظا عن الاعتراف بصحة خلافة معاوية فضلا عن البيعة له. ولم يكن ثمة الا تسليم الملك الذي عبرت عنه المعاهدة " بتسليم الامر " وعبر عنه آخرون بتسليم الحكم.
اما قول الدينوري في " الإمامة والسياسة " أن الحسن بايع معاوية على الإمامة، فهو القول الذي يصطدم قبل كل شئ بقابليات معاوية التي عرفنا قريبا النسبة بينها وبين الخلافة وصلاحية البيعة على المسلمين، ويصطدم ثانيا بتصريحات الحسن في انكار خلافة معاوية. سواء في خطابيه الآنفين، أو في تحفظاته الواضحة في هاتين الروايتين.
وهكذا دل الدينوري فيما مر عليه من قضايا الحسن ومعاوية، على تحيز واضح لا يليق بمؤرخ يعيش في القرن الثالث حيث لا معاوية ولا رشواته ولا دعاواته، ولكنها الدوافع العاطفية التي لم يسلم من تأثيرها كثير من مؤرخينا المسلمين... فقال مرة أخرى: " ولم ير الحسن والحسين طول حياة معاوية منه سوءا في أنفسهما ولا مكروها! ". أقول: وأي سوء يصاب به انسان أعظم من قتله سما؟. وأي مكروه ينزل بانسان أفظع من اغتصاب عرشه ظلما؟. فأين مقاييس الدينوري بعد هذا يا ترى؟
ونحن إذ أردنا هنا، ان نتعسف للمتسرعين إلى ذكر البيعة عذرا أو شبه عذر، حملناهم على التأثر بالدعاوات الكثيرة التي كانت لا تزال آخذة بالإسماع، ولم يكن في التاريخ قضية أبرز من انتقال الحكم في الاسلام من سبط النبي نفسه، إلى طليق من الطلقاء المعروفين بتاريخهم القريب، ولذلك
(٢٧٢)
مفاتيح البحث: القتل (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»