صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٥٦
المحتملين، أن يدال للشام من الكوفة وأن تقضي الحرب وذيولها على الحسن والحسين وعلى من اليهما من أهل بيتهما وشيعتهما. ولا تدبير - يومئذ - للعذر من هذه البائقة الكبرى أروع من أن يلقي معاوية مسؤوليتها على الحسن نفسه، ويقول للناس - غير كاذب - " اني دعوت الحسن للصلح، ولكن الحسن أبى الا الحرب، وكنت أريد له الحياة، ولكنه أراد لي القتل، وأردت حقن الدماء، ولكنه أراد هلاك الناس بيني وبينه... ".
ولمعاوية من هذه اللباقة الرائعة أهدافه التي لا تتأخر به عن تصفية الحساب مع آل محمد (ص) تصفيته الأموية الأخيرة، وهو إذ ذاك المنتصر العادل المتظاهر بالانصاف، الذي يشهد له على انصافه كل من كان قد أشهده - قبل الحرب - على ندائه بالصلح. أما الحسن عليه السلام، فلم يكن الرجل الذي تفوته الرشاقة السياسية ولا الأساليب الدقيقة التي يبرع فيها عدوه للكناية به. وانما كان - على كل حال - أكبر من عدوه دهاء، وأبرع منه في استغلال الظروف واقتناص الفرص السانحة التي تجتمع عليها كلمة الله وكلمة المصلحة معا. فرأى من ظروفه المتداعية، ومن سوء نوايا عدوه فيما أراد من الدعوة إلى " الصلح "، ما استدعاه إلى الجواب بالايجاب.
ثم لم يكفه أنه قضى بذلك على خطط معاوية وشلها عن التنفيذ، حتى أخذ يضع الخطة الحكيمة من جانبه للقضاء على خصومه باسم الصلح. وسيجئ في الفصول القريبة التوضيح اللائق بالموضوع.
معاهدة الصلح
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 258 259 260 261 262 ... » »»