وكان معنى التفريط به، انقطاع الصلة بين علي وأولاده الأئمة الميامين، وبين الأجيال الآتية إلى يوم الدين.
ثم لتعودن قضية الحسن - بعد ذلك - أشبه بقضايا الاشراف العلويين، الذين نهضوا في ظروف مختلفة من أيام الحكم الاسلامي، يهتفون بالاصلاح، ويحتجون بالرحم الماسة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم غلبوا على امرهم، فلم يبق من دعوتهم الا أسماؤهم في أطواء التاريخ أو في كتب الأنساب.
وما يدرينا، فيما لو صفي الحساب مع آل محمد تصفيته الأموية الأخيرة، فقتل الحسن، وقتل معه جميع أهل بيته، وقتل معهم الصفوة المختارة من عباد الله المخلصين، وانقلب الاسلام أمويا، ماذا سيكون من ذكريات محمد (صلى الله عليه وآله) في التاريخ؟. وماذا سيكون من شأن المثاليات التي نفخ الاسلام روحها في الصفوة من رجالاته؟. وهل رجالاته المصطفون الا هذه الأشلاء التي طحنتها سيوف الشام في هذه الحروب؟.
وعلمنا - مما تقدم - مبلغ ما تهتز به أوتار معاوية بن أبي سفيان من العنعنات القبلية والأنانيات والترات. فهل لنا - وقد أيسنا من ذكر علي وأولاده في أعقاب هذه التصفية الا بالسوء، أن نطمئن إلى ذكر محمد صلى الله عليه وآله وذكر تعاليمه ومبادئه الصحيحة بخير؟.
والعدو المنتصر هو معاوية بن أبي سفيان، الذي ضاق بذكر الناس لأخي هاشم (النبي ص) في كل يوم خمس مرات كما تقتضيه السنة الاسلامية في " الاذان "، حتى قال للمغيرة بن شعبة: " فأي عمل يبقى بعد هذا لا أم لك، الا دفنا دفنا (1)!!.. ".