صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٥١
الناس هنا وهناك. وهي الأشهر التي ختمت أعمالها بأفضل خواتيم الاعمال في الاصلاح، ووصلت بخاتمتها الفضلى مصلحة الدنيا بمصلحة السماء.
وإذا بالحسن بن علي، هو ذلك المصلح الأكبر، الذي بشر به جده رسول الله صلى الله عليه وآله في الحديث الذي سبق ذكره: " ان ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ".
وان الله سبحانه عود أهل هذا البيت أن يحفظ لهم الشرف في أعلى مراتبه وفي مختلف ميادينه، فان لم يكن بالانتصار بالسلاح، فليكن بالشهادة الكريمة في الله وفي التاريخ. وان لم يكن بهذا ولا ذاك فليكن بالاصلاح وجمع الكلمة وتوحيد أهل التوحيد. وكفى بالاصلاح شرفا وكفى ببقاء الشرف انتصارا. وبقاء الشرف ضمان لبقاء العزة. والعزة حافز دائب يدفع إلى الحياة ويقوم على السيادة.
ومن السهل ان نفهم دوافع الحسن إلى الصلح مما ذكرنا.
* * * أما دوافع معاوية التي اندلف بها من جانبه إلى طلب الصلح، فقد كانت من نوع آخر لا يرجع في جوهره إلى العجز عن القتال، ولا ينظر في واقعه إلى وجهة نظر دين أو اصلاح أو حقن دماء، فلا الاصلاح ولا حقن الدماء بالذي يعنى به معاوية فينزل له عن مطامعه في الفتح. وفي غاراته على المدينة ومكة واليمن، ومواقفه الجريئة بصفين، ما يزيدنا بصيرة في معرفة الرجل وان قل عارفوه.
إذا، فليكن طموحا نفعيا خالصا، هو الأشبه بتاريخ معاوية الذي جاء تاريخه أشبه باسطورة.
انه خيل اليه بأن تنازل الحسن له عن الحكم، سيكون معناه في الرأي العام، تنازله عن " الخلافة ". وظن أنه سيصبح - على هذا -
(٢٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 244 245 248 249 250 251 252 253 254 255 256 ... » »»