صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٢٢
أن يسجلوا له " الشهادة " كما تقتضيها كلمة " شهيد ".
أما ذلك العبد الأسود الفقير، الذي لم يكن له من الأثر في الحياة، ما يملأ الشعور أو يشغل الذاكرة [جون مولى أبي ذر الغفاري]، فقد أرغم التاريخ على تقديسه، لأنه قتل في سبيل الله فكان " الشهيد " بكل ما في الكلمة من معنى.
إذا، فليس من شروط الشهادة ولا من لوازم كرامتها، أن لا تكون الا في العظيم، وليس من شروط العظيم إذا قتل أي قتلة كانت، ان يكون شهيدا على كل حال.
ولندع الآن هذا التمهيد لنخطو عنه إلى الموضوع الثاني، ثم لنأخذ منه حاجتنا عند اقتضاء البحث.
2 - صورة مصغرة عن الوضع الشاذ في المدائن:
علمنا مما سبق - وبعض الإعادة ضرورة للبحث - أن خيرة أجناد الحسن كان في الركب الذي سبقه في مقدمته إلى " مسكن "، وأن الفصائل التي عسكر بها الحسن في " المدائن " كانت من أضعف الجيوش معنوية، ومن أقربها نزعة إلى النفور والقلق والانقسام.
وعلمنا أنه فوجئ في أيامه الأول من المدائن - ولما يتلق نجداته من معسكراته الأخرى - ببوادر ثلاث، كانت نذر الكارثة على الموقف.
1 - أنباء الخيانة الواسعة النطاق في " مسكن ".
2 - الشائعة الاستفزازية التي ناشدت الناس بأن ينفروا، لان قيس بن سعد - وهو القائد الثاني على جيش مسكن - قد قتل!.
3 - فتنة الوفد الشامي الذي جاء ليعرض كتب الخونة الكوفيين على الامام، ثم خرج وهو يعلن في المعسكر أن الحسن أجاب إلى الصلح!.
(٢٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 218 219 220 221 222 223 224 225 226 228 ... » »»