صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٢١
وهي بمعناها الذي يصنع الحياة، تضحية النفس لاحياء معروف أو إماتة منكر.
وليس منها التضحية لغاية ليست من سبل الله، ولا التضحية في ميدان ليس من ميادين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فلو قتل كافر مسلما في ساحة جهاد، كان المسلم شهيدا.
ولو قتل باغ مسلما في ميدان دفاع كان المسلم شهيدا.
اما لو قتل مسلم مسلما في نزاع شخصي، أو قتله انتصارا لمبدأ ديني صحيح، فلا شهادة ولا مجادة، ذلك لان الكرامة التي تواضع عليها تاريخ الانسانية للشهيد، هي أجرة تضحيته بروحه في سبيل المصلحة العامة فلا الحوادث الشخصية، ولا التضحيات التي تناقض المصلحة في خط مستقيم، مما يدخل في معنى الشهادة.
وقتلة أخرى، أضيع دما، وأبعد عن " الشهادة " معنى واسما، هي ميتة رئيس يثور به أتباعه وذوو الحق في أمره، فيلقونه أرضا. والمجموع في كل مجتمع هو مصدر السلطات لكل من يتولى شيئا من أموره باسمه، وكانت هذه هي القاعدة التي بنيت عليها السلطات الجماعية في الاسلام، وعلى هذه القاعدة قال المسلم الأول لعمر بن الخطاب: " لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بسيوفنا ".
وانما كانت هذه القتلة أضيع دما، وأبعد عن الشهادة اسما، لان الأيدي الصديقة التي اجتمعت على إراقة هذا الدم، كانت في ثورتها لحقها، وتضافرها الناطق ببلاغة حجتها، أولى عند الناس بالعذر.. " ولان الأمة التي ولته هي التي تقيم عليه الحدود " - على حد تعبير القفال الشافعي -.
فعثمان - مثلا - الذي كان ثالث ثلاثة من أكبر الشخصيات التاريخية، التي هزت الأرض بسلطانها المرهوب، مات مقتولا بسلاح الثائرين من ذوي الحق في أمره. فلم يستطع التاريخ، ولم يوفق أصدقاؤه في التاريخ،
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 139 140 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»