صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ٢٢٤
ولقد تدل ملامح النداء بالتكفير للحسن عليه السلام من قبل الثائرين عليه من جنوده هناك، أنه كان لسان حال " الخوارج "، وكانت هذه هي لغتهم النابية إذا استشرى غضبهم على أحد من المسلمين أو أئمة المسلمين. وانهم إذ يستغلون هذه اللحظة، أو يبعثونها من مرقدها، فإنما كانوا يقصدون التذرع إلى أعظم جريمة في الدم الحرام، وفق مبادئهم الجهنمية التي طعن بها أحدهم الامام الحسن في فخذه فشقه حتى بلغ العظم!.
وتدل ملامح النهب والسلب الذي مزق الستار وتناول حتى رداء الحسن ومصلاه، على أنه كان عمل الفريق الآخر الذي سمته المصادر " أصحاب الطمع بالغنائم ".
ويدل طغيان الفتنة وسرعة انتشار الاضطرابات في المعسكر على أنه صنيعة " أصحاب الفتن " الذين كان يعج بهم هذا الجيش منذ كان في الكوفة ومنذ انتقل إلى المعسكرين تحت لواء الجهاد المقدس!.
وهكذا جمحت الفتنة في المدائن جماحها الذي خرجت به من أعنة المخلصين والمنظمين، وحال الأكثرون بأحداثهم دون قيام الأقلين بواجبهم، ولم يعد لهذا الجيش من الاستقرار ما يستطيع به الثبات، ولا من الأهداف الا الأهداف الطائشة. فان لم يتسن لهم قتال معاوية فليقتلوا الحسن امامهم، وان لم يبلغوا غنائم الحرب من أعدائهم فليتبلغوا بالغنائم من نهب أصدقائهم، وان لم يمكنهم الفرار إلى معاوية - كما فعل أمثالهم في المعسكر الثاني - فليكتبوا إلى معاوية ليجيء هو إليهم!!!
وكان هذا هو ما حفظه التاريخ على هذه المجموعة من الناس، أما ما نسيه التاريخ أو تناساه أو حيل بينه وبين ذكره، فذلك ما لا يعلمه الا الله عز وجل.
ترى، فهل لو وضعنا معاوية مكان الحسن من هذه اللحظة أو من هذا الجيش بما لمعاوية من دهاء وسخاء، أكان يستطيع أن يخرج من مأزقه بأحسن مما خرج به الحسن مضمون السلامة على مبادئه وخططه ومستقبله؟.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 228 229 230 ... » »»