صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٣٩
بالطاعة العمياء لأمرائهم وقوادهم.
ولم يكن التفاوت بالعدد مما يستفزه كثيرا، ولكنه كان شديد العناية بالمزايا المعنوية التي يتحلى بها جنود الفريقين. وكان القائد الحريص على روحية جيشه التي هي كل ما يدخره للقاء عدوه.
ولاح له في سبيل موازنته، اشتراك " الأخلاط " من العناصر المختلفة في جيشه. وانه ليستقبل حربا لن تجدي فيها غير الكثرة المخلصة من المحاربين الأشداء، فما شأن الجماعات التي لم تفهم الجهاد الا كوسيلة للغنائم.
وتشاءم عبيد الله بن عباس، منذ الساعة الأولى التي يمم بها معسكره في " مسكن "، تشاؤما كان له أثره في المراحل القريبة مما استقبله من خطوات.
وكان أنكى ما يخافه على مقدرات جيشه، أن تتسرب إلى صفوفه أخبار التعبئة الفاشلة في الكوفة، أو أن تحبو اليه أحابيل معاوية بما تحمله من أكاذيب ومواعيد، وهاهم أولاء وقد جمعهم صعيد واحد ومشارع واحدة وأظلتهم سماء مسكن جميعا، وماذا يؤمنه من أن يكون مع جنوده أو من جنوده أنفسهم من هو بريد معاوية في الافساد عليه وعلى الامام. وكانت أسلحة معاوية (الباردة) أروع أسلحته في هذا الميدان بل في سائر ميادينه.
وصدق ظن عبيد الله.
فإذا بباكورة دسائس معاوية تشق طريقها إلى معسكر مسكن، وفي هذا المعسكر من أصحاب الحسن مخلصون ومنافقون، وآخرون يؤثرون العافية ويتمنون لو صدقت الشائعة الجديدة، وكانت الشائعة الكاذبة " أن الحسن يكاتب معاوية على الصلح، فلم تقتلون أنفسكم (1) ".

(1) شرح النهج (ج 4: ص 15).
(١٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 138 139 140 218 219 220 221 ... » »»