صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٣٤
واستطرد التاريخ بين صفحاته أسطرا قاتمة دامية. بما انقاد اليه الاغرار المفتونون من هذه " العناصر "، وبما صبغوا به ميدان الجهاد المقدس - بعد ذلك - من أساليب الغدر، والخلاف، ونقض العهود، والمؤامرات، ونسيان الدين، وخفر الذمام... حتى قد عادت بقية آثار النبوة - متمثلة بالطيبين من آل محمد وبنيه عليهم السلام - نهبا صيح في حجراتها. ولعلنا سنأتي على استطراد صورة من هذه المآسي في محلها المناسب لذكرها من الكتاب.
تتميم:
وبقي علينا ان نستمع هنا إلى ما يدور في خلد كثير من الناس حين يدرسون هذا العرض المؤسف لعناصر جيش الحسن عليه السلام، فيسألون: لماذا فسح الحسن مجاله لهذه العناصر؟ ولماذا تأخر بعد ذلك عن تصفية جيشه بسبيل من هذه السبل التي يفزع إليها رؤساء الجيوش في تصفية جيوشهم بقطع العضو الفاسد، أو بإدانته، أو بإقصائه على الأقل؟.
ونحن من هذه النقطة بإزاء قلب المشكلة وصميمها على الأكثر.
ونقول في الجواب على هذا السؤال:
أولا: ان الاسلام كما الغى الطبقات فيما شرعه من شؤون الاجتماع، ألغاها في الجهاد أيضا، فكان على أولياء الأمور أن لا يفرقوا في قبولهم الجنود بين سائر طبقات المسلمين، ما دام المتطوع للجندية مدعيا للاسلام وقادرا على حمل السلاح. ولما لم يكن أحد من هؤلاء " الأخلاط " الذين التحقوا بالحسن، الا مدعيا للاسلام وقادرا على حمل السلاح، فلا مندوحة للامام - بالنظر إلى صميم التشريع الاسلامي - عن قبوله.
(١٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 129 130 131 132 133 134 135 136 138 139 140 ... » »»