صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٣٦
بالقتل، أو بالافصاء، أو بالإدانة، كان في مثل ظروف الحسن تعجلا للنكبة قبل أوانها - كما ألمحنا اليه في غمار الفصل الرابع - وسببا مباشرا لإثارة الشقاق واعلان الخلاف ورفع راية العصيان في نصف جيشه على أقل تقدير ومعنى ذلك القصد إلى اشعال نار الثورة في صميم الجيش. ومعنى هذا ان ينقلب الجهاد المقدس إلى حرب داخلية شعواء، هي أقصى ما كان يتمناه معاوية في موقفه من الحسن وأصحابه، وهي أقصى ما يحذره الحسن في موقفه من معاوية وأحابيله.
وشئ آخر:
هو أن الحسن عليه السلام، لم يكن له من عهده القصير الذي احتوشته فيه النكبات بشتى ألوانها، مجال للعمل على استصلاح هذه الألوان من الناس، وجمعهم على رأي واحد. بل ان ذلك لم يكن - في وقته - من مقدور أحد الا الله عز وجل، ذلك لان الصلاح في الاخلاق ليس مما يمكن تزريقه في الزمن القليل، وانما هو تهذيب الدين وصقال الدهر الطويل، ولان التيارات المعاكسة التي طلعت على ذلك الجيل بأنواع المغريات، حالت دون امكان الاصلاح وجمع الأهواء، الا من طريق المطامع نفسها، وكان معنى ذلك معالجة الداء بالداء، وكان من دون هذه الأساليب في عرف الحسن حاجز من أمر الله.
عبيد الله بن عباس
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 138 139 140 218 219 ... » »»