صلح الحسن (ع) - السيد شرف الدين - الصفحة ١٢٧
ولا هي مما يتفق والتشريع الاسلامي بسعته وسماحته.
وللاسلام اعتداده بصحة حقائقه التي تكفل له بعث الناس إلى الطاعة والانقياد. وليس في عناصر هذا الدين إكراه أحد على الطاعة بالقوة. ولكنه دلهم على السبيلين وأعان على خيرهما بالهدى " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " وكان هذا هو شعار الاسلام في جميع ما أمر به أو نهى عنه.
وعلى ذلك جرى رؤساء المسلمين فيما دعوا الناس اليه، وفيما حذروا الناس منه.
وكان لهم عند اعتزامهم الحرب، دعاواتهم الرائعة، في التحريض على الجهاد، وأساليبهم المؤثرة التي لا تتأخر - غالبا - عن إقناع أكبر عدد من المطلوبين إلى حمل السلاح.
فمن ذلك، أنهم كانوا يزيدون في مخصصات أهل العطاء من مقاتلتهم، ويأمرون عمالهم على البلاد فيستنفرون الناس للجهاد، ويبثون ألسنتهم وخطباءهم وذوي التأثير من رجالهم لبعث الناس إلى التطوع في سبيل الله عز وجل.
وفعل الحسن عليه السلام كل ذلك منذ ولي الخلافة في الكوفة، ومنذ أعلن النفير للحرب. وكان من أولياته - كما أشير اليه آنفا -: انه زاد المقاتلة مائة مائة، وبعث حجر بن عدي إلى عماله يندبهم إلى الجهاد، ونهض معه مناطقته الأفذاذ من خطباء الناس أمثال عدي بن حاتم، ومعقل بن قيس الرياحي، وزياد بن صعصعة التيمي، وقيس بن سعد الأنصاري. فأنبوا الناس (1)، ولاموهم على تثاقلهم، وحرضوهم على إجابة داعي الله، ثم تسابقوا بأنفسهم إلى صفوفهم في المعسكر العام، يغلبون الناس عليه.
ونشرت ألوية الجهاد في " أسباع الكوفة " وفي مختلف مرافقها العامة، تدعو الناس إلى الله عز وجل، وتدين بالطاعة لآل محمد عليهم السلام.

(1) ابن أبي الحديد (ج 4 ص 14).
(١٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 121 122 123 124 126 127 128 129 130 131 132 ... » »»